الذي يتمنى التشويه لمحبوبته لا يرضى مذهب الاستحسان بهذا التمني. وقد قلنا معترضين:(إن جميلاً - مثلا - أبطل المبطلين في عشقه وغزله عند مدرسة الاستحسان أو مدرسة الرقة. . . لأنه سأل الله تشويه ما هو حسن في عيني حبيبته وثغرها وهما أجمل ما يتمنى له الجمال في وجه محبوب)
وعلى أية حال لا مساس في هذا ولا ذاك بالحقيقة التي نقررها وهي أن الاستحسان غير العشق وغزل العشاق، لأن الإنسان قد يستحسن ولا يحب، بل قد يجمع الكره والاستحسان، وقد يتمنى تشويه محبوبه ليتركه له الناس كما ضربنا المثل بأمنية جميل وأمنية كثير، وهنا موضع الإشارة في كلامنا إلى مدرسة الرقة ومدرسة الاستحسان
وننتقل من هذا الكلام إلى يحسبه كله كلاماً فارغاً ويحسبنا نحن الكتاب أو النقاد رجعيين جامدين لأننا نحفل في هذا العصر بشعر عمر بن أبي ربيعة أو شعر جميل، ومن جاراهما من الشعراء
فقد حمل إلى البريد مجلة أسبوعية على موضع منها علامة حمراء تومئ إلى حديث دار بين المجلة وبين آنسة من الطالبات أو (الأديبات) السوريات سئلت فيه عن رأيها في أدباء مصر فقالت: (مما يؤسف له أشد الأسف أن معظمهم رجعيون. . . أفكارهم. . . كتبهم. . . مؤلفاتهم. . . مقالاتهم. . . كلها تدل على أنهم من أنصار الرجعية. ثم أطلقت الآنسة ضحكة رشيقة وقالت: أنظر. . . نحن الآن في عصر الطيارات والراديو والمخترعات الحديثة، ولكن الأدباء ما يزالون يتحدثون عن عصر ابن أبي ربيعة!. . .)
وبودنا نحن أن نعرف ما هي العلاقة بين الطيارات وإلغاء شعر ابن أبي ربيعة أو شعر غيره من أدباء العصور الأولى
هل كان ابن أبي ربيعة صانع دراجات أو مركبات خيل فبارت صناعته باختراع الطيارات؟
هل حلت الطيارات محل النساء اللاتي كان ابن أبي ربيعة مشغولاً بهن فوجب أن يشتغل بمغازلة الطيارات عن مغازلة النساء؟
هل أصبح الناس بغير قلوب وبغير ألسنة لأنهم يركبون الطيارة أو يستمعون إلى المذياع؟
هل ألغي الأوربيون مخترعو الطيارة شعر هوميروس وهو سابق لعصر عمر من أجل هذا