لا وحق المحروسة الغالية التي تعلم كتاب مصر وأدباءها ماذا يكتبون وماذا يدرسون
فالأوربيون الذين اخترعوا الطيارات على أنواعها، والذين شغلتهم الطيارة في كل ميدان من ميادين القتال أو ميادين السلام، والذين يبتدعون الأزياء للعقول والجسوم، لم يتركوا أدباءهم الأقدمين أو المحدثين ليستبدلوا بهم مصنوعات المعامل من آخر طراز، ولم يحسبوا أن هؤلاء الأدباء مرجوعات تباع في سوق (الخردة) كلما ظهر طراز جديد من المصنوعات
وإلى يساري الساعة رفوف عليها أكثر من خمسين مجموعة شعرية ظهرت في إبان الحرب الحاضرة بين ضرب القذائف من الطيارات وإطلاق الأسراب بعد الأسراب من الطيارات، وقيام الرؤساء وقعودهم بالحديث عن الطيارات والغارات بالعشرات بعد العشرات
بل في هذه المجموعات نفسها قصائد من نظم الطيارين الذين يعيشون على الطيارة ويموتون معها ثم يعودون إلى شعرهم القديم ويذكرون أساطير اليونان الني تحدثت عن الطيران قبل الأوان
فلا علاقة إذن بين الطيارة وإلغاء عصر ابن أبي ربيعة. وإن كان هناك شيء قد صنعه عصر الطيارة على التحقيق فهو أنه لا يقبل الآن ما كان يقبله عهد القرون الوسطى من ثرثرة الكبيرات أو الصغيرات من بنات حواء، لأنهن بنات حواء
فإذا كانت المحروسة الغالية تفهم هذا فلا تستغرب أن تلقي بعض جزائها على الخوض فيما تجهل وعلى التعرض بذلك الأسلوب لأناس لهم على كل إنسان مهذب حق الرعاية والتبجيل
ونستأذن عصر الطيارات مرة أخرى لنرجع إلى موضوع (رجعي) عتيق وهو موضوع اللغة ثم موضوع التاريخ القديم، وكلاهما قد يحرم على المخلوق الناطق في عصر الدوي والأزيز؛ فقد أجبنا الأستاذ الفاضل محمود أبا رية بما نراه في استعمال كلمة الفشل بمعنى الإخفاق، فقلنا: (إن هذه الكلمة من الاستعمال الحديث الذي شاع حتى غطى على معنى الكلمة القديم، مع تقارب المعنيين، حتى ليجوز أن يحمل أحدهما قصد الآخر، لأن التراخي