فعقب على هذا عالم فاضل من رجال اللغة عندنا قائلاً في العدد الماضي من الرسالة:(وأنا أقول إن الإخفاق لا يلازم الضعف والتراخي حتما. . . فالضعف شيء والإخفاق شيء آخر، ولو صح هذا التقارب بين المعنيين، حتى ليجوز أن يحمل أحدهما قصد الآخر لجاز أن يطلق الإخفاق ويراد به الضعف أو ما يلابسه من المعاني)
ونحن كما يرى حضرات القراء لم نقل أن الإخفاق والضعف شيء واحد، ولكننا قلنا إنهما متقاربان قد يحل أحدهما محل الآخر، فكل ضعيف مخفق في حالة ضعفه وقوة خصمه عليه، وكل مخفق ضعيف في حالة إخفاقه ونجاح خصمه. ولنا أن نقول إن فلاناً مخفق الرأي ونعني به الضعف الذي يحول بينه وبين النجاح، وليس التحرج في هذا بأنفع من التسهل، وما كان العرب يجهلون إطلاق الكلمة على المعنى لمناسبة قريبة بل بعيدة في أحايين كثيرة. وحسبنا أن الأستاذ نفسه قد تردد بين التسهل والتشدد في هذا الموضوع لنعلم أن التسهل فيه لا يخلو من حجة يحسب لها حساب
وقد وردت علينا آراء أخرى لا نحب أن نعرض الآن لجانب اللغة منها، لأننا نود أولاً أن نحيل صاحب تلك الآراء على المراجع الكبرى ليهتدي إلى صوابه قبل أن نهديه إليه
ولكننا نتناول ناحية التفكير من آرائه لأن المجال فيها متسع لشيء من التنبيه والتذكير
فقد كتب الفهرسي المجتهد الأستاذ بشر فارس في مجلة المقتطف مقالاً استغرق نحو سبع صفحات منها عن كتابنا (الصديقة بنت الصديق) زعم فيه زعماً لا يقبل الشكر كما قال (إن المؤلف ما أراد أن يولج كتابه في جانب العلم الصرف)
وهذا الزعم الذي لا يقبل الشكر هو الزعم الذي لا يحسب من العلم الصرف في شيء
لأن الحق الذي توخيناه هو أننا أردنا متابعة العلم في كل حقيقة من الحقائق التي بسطناها، ولكننا لم نولج كتابنا على حد تعبيره - في باب الفهرسيات وما إليها، لأنها صناعة تليق بمساعد في مكتبة علمية، ولا تليق بعالم أن يفرغ لها أو يجعلها كل قسطه من العلم والكتابة
ففي كل (دفتر خانة) من دواوين الحكومة كاتب صغير أو ساع يعرف الكتابة والقراءة ويعرف من الرفوف والأرقام ومراجع المواليد والوفيات والمزارع والبيوت والأسناد والعقود ما يستنفد السنوات من حفاظ الفهارس والعناوين