الأعاجم. فتشكيكه في العبقرية وتجويزه التقليد على القرآن قاطع في أنه لا يرى القرآن من كلام واهب العبقرية وفاطر الإنسان، ولكن من كلام بشر مشكوك حتى في عبقريته
وصاحب الكتاب يعرف هذا الرأي من نفسه، ويعرف بعد ما بينه وبين ما عليه المسلمون، كما ترى من قوله بعد ذلك النص (ولكن مثل هذا البحث في رأيي خطر على الباحثين المسلمين في الوقت الحاضر: لأن الرأي العام في مصر والشرق الإسلامي لا يسمح بدرس القرآن درساً تحليلياً يبين ما فيه من العناصر العربية الصميمة والعناصر الدخيلة. والمستشرقون أيضاً لا يهتمون بمثل هذا البحث، لأن أكثرهم مقتنع بأن العرب لم يكن لهم وجود أدبي قبل الإسلام). فإذا صح ما نقله هذا الرجل عن المستشرقين فالمستشرقون أقرب منه إلى الإسلام إذ ليس بينهم وبين الإسلام إلا أن يكونوا منطقيين مع أنفسهم، ويتبعوا النتيجة الحتمية لوجود القرآن مع ما اقتنعوا به من أن العرب لم يكن لهم وجود أدبي قبل الإسلام. أما هو فقد رأيت ما قال
وليس ذلك كل ما قال، فقد قال أيضاً في صفحة ٤٦ (وليس أمامنا أي دليل على أن القرآن متأثر تأثراً محسوساً بآداب أخرى أجنبية وإن كان هذا ممكناً لأن العرب قبل الإسلام كانوا على اتصال قليل أو كثير بمن جاورهم)
وقال أيضاً من صفحة ٤٧ (ويمكن الحكم بأن اللغة الأدبية التي سبقت الإسلام لم تكن تخالف كثيراً لغة القرآن، لأن التطور الكبير الذي ينقل اللغة من أسلوب إلى أسلوب ومن روح إلى روح لا يتم في خمسين سنة مثلاً، وإنما يتطلب مدة طويلة، خصوصاً في أمة بدوية محافظة قليلة الاختراع والتبديل في لغتها وأسلوبها). اقرأ هذا واحكم ما رأى صاحبه في القرآن، أأنزله الخالق معجزة للخلق على الدهر، أم هو من كلام الناس تطور روحه وأسلوبه كما يتطور الروح والأسلوب في كلام البشر؟
ثم اقرأ له من صفحة ٥١:(وإنما ينبغي أن نعتقد أنه كان لهم أدب قوي متين يقرب في روحه وأسلوبه من روح القرآن وأسلوبه، فإن البيئة واحدة، واللغة واحدة، والعصر واحد) فإذا قرأت له عقب ذلك (ولم يكن محمد إلا بشراً ألهم هداية قومه كما صرح القرآن غير مرة) عرفت أن صاحب الكتاب يرى القرآن من كلام محمد، وعرفت أيضاً أنه يفتري على القرآن فإن القرآن وإن قال إن محمداً بشر لم يقل إنه ألهم هداية قومه، فإن مادة (ألهَم) لم