للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ما لنا سوى القل منا ... قد سلكنا سبيل غاو مضلل

فلو أن الخديوي قد تشدد لقضى على حياة مئات الألوف. وقد أجاد في الجمع بين بقاء الخديوي واستبقائه لقوم من رعاياه أملوا عفوه. ووفق في استخدام كلمة (رعايا) في هذا المقام. وكأنه أراد أن يقول إن الذين تعفو عنهم ليسوا بأجانب إنما هم وطنيون وممن ترعاهم. فإذا لم يستشعر الخديوي الحلم هلكت الرعية، وكيف يبقى الراعي بغير رعية؟ وكل هذا إغاء للخديوي على ترك الغلو والمبالغة في معاقبة من انضموا تحت لواء عرابي.

هذه القصيدة وإن كانت ضعيفة الأسلوب، واهية العبارة إلا أنها خير ما نظم الليثي. ذلك لأنه لم يكن فيها متكلماً ولا متصنعاً. إنما كان معبراً عن إحساس داخلي وشعور كامن في نفسه. وإذا قارنت هذه القصيدة بقصيدة عبد الله فكري التي نظمها في هذا الصدد لأدركت الفرق بين الرجلين فالليثي بدا في هذه القصيدة وطنياً مخلصاً. بكى على ما أصاب الوطن، وناح وتألم وتوجع وتحسر، وذكر الضحايا والشهداء وقرر أن هزيمة الجيش المصري معرة كبرى لحقت بالأمة أما عبد الله فكري فقد بكى على نفسه وشرع يستدر عطف الخديوي بعبارات الشحاذين. ومثال ذلك قوله:

أيجمل في دين المروءة أنني ... أكابد في أيامك البؤس والعسرا

وقوله:

وحسبي ما قد مر من ضنك أشهر ... تجرعت فيها الصبر أطعمه مرا

(للكلام صلة)

محمد سيد كيلاني

<<  <  ج:
ص:  >  >>