للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إن لهؤلاء العلماء مهارتهم ولأناملهم لباقتها، فليس من نسبة بين صراحتي وتعقيدهم، فأناملهم لا تني تغزل وتحيك ناسجة للعقل ما يستره. فهم كالساعات إذا ما أحكم ربط رقاصها دلت بضبط على سير الزمان وأسمعتك طقطقة خافتة. إنهم يعملون كحجر الرحى فيطحنون كل ما تلقى إليهم من حبوب، وكل منهم يراقب حركة أنامل الآخرين، وجميعهم يتلهون بالنكايات ويترصدون من يتعارج بعلومه، فهم أشبه بالعناكب في تلصصهم. ولكم رأيتهم يستقطرون سمومهم بكل حذر ساترين أيديهم بقفازات من زجاج ولهم مهارة خاصة بلعب النرد المزور. ولكم انحنوا فوقه والعرق يتصبب من وجوههم

لا صلة بيني وبين هؤلاء الناس فإن فضائلهم تبعد عن فضائلي بأكثر مما تبعد عنها أكاذيبهم ونردهم المزور

وما وجدت مرة بينهم إلا وكنت فوقهم، ولذلك ابغضني هؤلاء العلماء. لأنهم لا يطيقون أن يسمعوا بمرور أي كان فوق رؤوسهم، ولذلك وضعوا الأخشاب فوق رؤوسهم وأهالوا فوقها التراب والأقذار ليخنقوا وقع أقدامي، ولم يزل حتى اليوم أكثرهم علماً اقلهم إدراكا لأقوالي

لقد نصبوا بيني وبينهم حائلا كل ما في الإنسان من ضعف وضلال، وهم يدعون هذا الحصن لمسكنهم السقف المستعار.

ولكنني بالرغم من كل هذا لا أزال أمشي فوق رؤوسهم وأنا أنشر أفكاري. ولو أنني مشيت على عيوبي فلن أزال ماشيا فوق جباههم، ذلك لأنه لا مساواة بين البشر، وهذا ما يهتف به العدل، فما أريده أنا لا حق لهم بأن يتناولوه بإرادتهم.

هكذا تكلم زارا. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>