الصحف تكف، والقلوب المختلفة تأتلف على شعور واحد: هو أن وطنها مصر وملكها فاروق! فلا وساطة بين الملك وشعبه، ولا علاقة بين المرء وحزبه؛ كأنما أصبح الناس من وحدة الهوى أسرة في رقُعة أمة، وغدا الفاروق من شدة العطف أباً في عرش ملك!
قد يكون لعرس الفاروق أمثال تطاوله في الفخامة وتفاضله في السعة؛ ولكن مزيته الظاهرة أنه عرس قومي ساهم فيه كل امرئ بنبض من قلبه وفيض من جيبه. فلم يبق بلد في القطر، ولا أحد في الناس، لم يقدم إلى العريس الأعظم هدية فاخرة، أو تهنئة خالصة، أو دعوة مستجابة! وتسأل الملايين الوافدة من كل قرية، والأمواج الدافقة في كل طريق: أمصدر هذا البشر الذي يترقرق في جباهكم، ويتألق على شفاهكم، هو هذه الأَضواء الساطعة والزينات الرائعة والمباهج الخلابة؟ فيجيبونك إنما هو حب المليك الصالح وجد متنفسه في هذا الظرف السعيد فانقلب نشوة من نشوات السعادة يضيع في حمياها التدافع بالظهور، والتصادم بالصدور، والنوم على الأفاريز، والضلال في الشوارع. وهم في هذا المزدَحم الضاغط يتجهون إلى القصر ولا يذكرون غير الملك، كما يتجه الحجيج الحاشد إلى البيت ولا يذكر غير الله!
مولاي يا زين الشباب! لَنِعْمَ المثل العالي لناشئة الجيل أنت! إن في برك بشعبك، وفي إيمانك بربك، وفي إحصانك في بكور السن، وفي إقدامك على عزم الأمور، وفي ثباتك على تقلب الحوادث، لدستوراً من الخلق العظيم تصح عليه القلوب المريضة، وتنتعش به الآمال المهيضة، وتشتد به العزائم الرخوة، ويزكو عليه ثرى الوادي الحبيب الخصيب فيعود فينبت تلك الأدواح الشم التي فاء إلى ظلها وأكلها العالمَ القديم فاغتذى واسترْفه
مولاي يا أمير المؤمنين! لنعم الإمام العادل لدولة الإسلام أنت! إن في رفعك منار العدل، وفي إيثارك جانب الحق، وفي إعزازك كلمة الدين، وفي تجديدك ما رث من أسباب الخلق، وفي إحيائك ما عفا من سنن السلف، وفي أخذك نفسك الملكية الشابة بسْمت الرسالة وسيرة الإمامة، لومضةً من ومضات الروح الإلهي تبعث الحياة في هذا الهيكل العظيم الرميم فتعيده قوياً كما نشأ، عظيماً كما شب، حرياً بأن يبسط على الخافقين جناحه، ويستأنف في المشرقين دعوته وإصلاحه
مولاي يا وريث الفراعين! لنعم الملك الصالح لمصر العريقة أنت! إن في جمعك إلى