أهلها وصادر أملاكها. والروايات لا تبحث في أسباب هذه الشدة، غير أن الذي يلوح لنا أن أهلالقرى إما أنهم قتلوا المسلمين غدراً، وإما أنهم قتلوا المسلمين غدراً، وإما أنهم مثلوا بالمسلمين في بلاد اليمامة قبل الحركات.
المناقب
يستنج الباحث من حرات اليمامة بعض المناقب التي ينبغي الوقوف عليها، وهي تدل على سجايا العرب الأولين مسلميهم ومرتديهم، وتوضح لنا بعض المزايا الكامنة التي مكنت العرب من الانتصار على عدائهم في الشرق والغرب.
المنقبة الأولى - التضحية
كان ابن عمر عبد الله أخوه زيد بن الخطاب في الجيش الذي قاتل في عقرباء. وكان زيد على ما نعلم يقود القلب، وقد استشهد في المعركة مشجعاً المسلمين ومدافعاً عن رايتهم.
ويذكر الطبري أن عبد الله بن عمر لما رجع إلى المدينة قال له أبوه:(ألا هلكت قبل زيد؟ هلك زيد وأنت حي).
وفي رواية أخرى قال عمر لابنه:(ما جاء بك وقد هلك زيد؟ ألا واريت وجهك عني؟). فأجاب عبد الله:(سأل الله الشهادة فأعطيتها وجهدت أن تساق إلي فلم أعطها).
والتضحية كلمة مرادفة للبطولة، وهي من أخطر العوامل في حضارة الأمم إن لم تكن أخطرها. ولا أغالي إذا قلت إن تاريخ الحضارة مكتوب بمداد هو دماء الأبطال لمراقة وساعيهم المبذولة من أجل بنيان صرح التمدين الباذخ بجميع أركانه الأدبية والعلمية والسياسية. لولا التضحية لما خرج الإنسان الأول من الغاب والكهف إلى المدينة والقصر. والعرب لولا بطولتهم في تضحيتهم لما تربعوا في قصور بغداد والشام والقاهرة والحمراء، ولظلوا تائهين في مجاهل باديتهم القاحلة الجرداء، ولخنق الإسلام في مهد. فالتضحية رفعت عمد الأديان، ونشرت ألوية العلوم، وضعت أسس الدولة قديمها وحديثها، وسمت بأبنائها إلى أج العز والسؤدد، وقمة المجد والصولة. أجل إن العرب من الأمم الفاتحة المفطورة على البطولة والتضحية، إلا أن نبيهم العظيم جاءهم برسالة وضع بها نصب أعينهم مثلاً أعلى هو إيمانهم الوطيد، فبرزت نفوسهم إلى ذلك المثل الأعلى على حد تعبير