الطويل، لأن مؤلفاتي الأخرى مثل (نابليون) و (بسمارك) و (لنكولن) و (غليوم الثاني) قد ألفتها خلال فصل صيف، من مارس إلى نوفمبر. وأما قصصي التمثيلية، فقد كان يلزمني يومان اثنان لأكتب كل فصل منها. وعلى الضد من ذلك قد قضيت عشر سنوات لأضع مأساة نهركم العظيم التي أردت أن تكون من القوة بحيث تمثل أبطالي من البشر، فخلصت من الوقائع والإحصاءات والوثائق لأعيد في ذهن القارئ جو ما عبرت من أماكن، وما استنشقت من عطر لا سبيل إلى نسيانه. . . لأن منشأ أكثر مؤلفاتي هو أثر شعور يتمكن مني؛ فكتاب (ابن الرجل) مثلاً قد تمثل إلى ذهني ذات مساء بينا كنا في طريقنا من بيت المقدس إلى الناصرة)
ولما سألته عن الشخصيات المصرية التي احتك بها، حدثني عن تشرفه بلقاء المغفور له الملك فؤاد فقال:
(لقد كان يتمنى لو وضعت حياة الخديو إسماعيل، ولما كان الموضوع لا يلهمني الإلهام الكافي فقد وعدته بأن أخصص بضع صفحات من (النيل) لذكرى والده
والحق أن خير رجال الحكم المصريين الذين أتيح لي لقياهم هو سفيركم في لندن: الدكتور حافظ عفيفي باشا؛ وفي خلال مروري بلندن في يونيه الماضي تحدثت طويلاً إليه. وقد أراد تقدمتي إلى جلالة (الملك فاروق) لولا أن سفري إلى أمريكا قد حرمني هذا الشرف)
وكان المسيو لودفيج عائداً فعلاً من الولايات المتحدة حيث قضى زمناً بالقرب من الرئيس روزفلت في بيته الخلوي بهايدبارك. وهو يحمل لرئيس الحكومة الأمريكية أشد الإعجاب، إذ قال:
(إنه رجل من نوع جديد، ظهر لأول مرة في الحياة العامة، رجل القرن العشرين، الباسم أبداً، المستبشر المتفائل على الدوام. فإنني ما رأيت قط نظرة أصفى من نظرته، ولا وجهاً أشد من وجهه حزماً وعزماً. وهو رجل الحكم الوحيد السعيد الذي عرفت. . . وسيكون أسم كتابي عن حياة روزفلت: (بحث في الهناء والمقدرة). والرئيس يود بكل جوارحه لو فرض على سياسة العالم التآلف والوفاق. وأعظم أمانيه وأعزها تدعيم السلام في أوربا
وله في هذا الصدد آراء دقيقة ثمينة، غير أني أخشى أن يكون قد سبق السيف العذل ولات حين تدخل؛ ولم أستطع أن أخفي عنه رأيي في هذا، فإني أرى أوربا تندفع، منخفضة