ولما كانت المشكلة المالية هي التي تضطر الملك إلى الاستعانة بنواب البلاد، فقد أشار سترافورد على الملك باتباع سياسة الاقتصاد ليطرد استغناؤه عن البرلمان، وكانت الحرب قد وضعت أوزارها، فتحسنت الحالة المالية إلى حد ما وخيل إلى سترافورد أن ليس للبرلمان رجعة.
ولكن الملك وازن بين دخله ومنصرفة فلم تسره الموازنة ووجد نفسه لا يزال في حاجة إلى زيادة الدخل وإلا اشتدت به الضائقة ثانية، فسلك سنة ١٦٣٤ مسلكاً كان أبعد ما سلك عن الصواب، وذلك أنه عمد إلى فرض ضريبة مباشرة، وكانت تسمى ضريبة السفن، وهي ضريبة قديمة كان من حق الملك وفق الدستور أن يفرضها على المواني إذا تعرضت المملكة لخطر الحرب فتقدم المواني سفناً أو ما لا يقوم مقامها؛ ونظر الإنجليز هذه المرة فإذا بالملك يفرض هذه الضريبة وليس ثمة من خطر يتهدد المملكة ولكن الملك احتج بأنه يبتغي بها مطاردة ما يتهدد التجارة من القراصنة، وتمادى الملك فخرج على القانون والعرف وفرض هذه الضريبة لا على المواني فحسب بل وعلى داخلية البلاد، ثم استمر يفرضها عاماً بعد عام وكان الأصل فيها ألا تفرض إلا حين الخطر
ويأبى القدر إلا أن يرتطم الملك وكبير أساقفته في ورطة كانت هي القاضية عليهما، فقد شاء لود أن يدخل في اسكتلندة النظام الأسقفي على الرغم من تمسك الاسكتلنديين بنظام الكنيسة البرسبتيرية، وأعد لود كتاباً للصلاة على نمط كتاب الصلاة في انجلترة، وأراد أن يحمل الاسكتلنديين على اتباعه في كنائسهم، فثار الناس هناك وأعلنوا سنة ١٦٣٨ في مجلس عام رفض النظام الأسقفي وطردوا الأساقفة الذين أرسلهم شارل إليهم فكان هذا تحدياً صريحاً لمشيئة الملك؛ وأصبحت المسألة في الواقع تتصل بحق شارل في حكم اسكتلندة أكثر مما تتصل بالنزاع الديني، وبات الموقف بالغ الخطورة، فإذا استطاع الاسكتلنديين أن يعصوا الملك فماذا عسى أن يكون وقع هذا في إنجلترا.
ولجأ الملك إلى الحرب وتأهب الاسكتلنديون للقتال وتلاقى الجيشان فأحس الملك ضعفه فهادن الاسكتلنديين وهادنوه وسكنت ريح الحرب إلى حين.
وأحس الملك بضرورة دعوته برلماناً فدعا ذلك البرلمان في ربيع سنة ١٦٤٠ وعرف باسم