البرلمان القصير لأنه لم يلبث أن أنكر على الملك فرض ضريبة السفن، ولما ساومه الملك وعرض أن يتنازل عن ضريبة السفن نظير أن يمنحه البرلمان مبلغاً معيناً رأى البرلمان أن قبوله هذا العرض يتضمن الاعتراف بحق الملك في فرض تلك الضريبة فأبى إلا أن يكون تنازل الملك عنها بغير قيد وضاق الملك بالبرلمان فحله في نفس العام.
ولكن الاسكتلنديين عبروا نهر التويد في الصيف زاحفين على إنجلترا، ودعا الملك مجلساً من الأعيان فأشار هذا المجلس بوجوب الاستناد إلى برلمان، ولم يجد الملك بداً من الإذعان فدعا برلماناً جديداً في نفس السنة وعرف هذا البرلمان بالبرلمان الطويل، وظهر في هذا البرلمان زعماء أشداء كان من أشهرهم بم وهمبدن وأليفر كرمول. . .
ووجد البرلمان الفرصة سانحة ليصفي حسابه فوجه إلى لود واسترافورد تهمة الخيانة العظمى للشعب الإنجليزي وأطلق السجناء من أنصار الحرية، وأزال من الكنائس كل ما يصلها بروما من مظاهر وصور وتماثيل، واحتاط البرلمان للمستقبل فأصدر قراراً يقضي بأنه لا يجوز أن ينقضي أكثر من ثلاث سنوات بغير أن يدعى برلمان، وقدم سترافورد إلى المحكمة، ووضع تحت الحراسة كيلا يهرب، وكان لا بد من موافقة الملك حتى تقام الحراسة فوافق الملك مه أنه وعد سترافورد أن يدافع عنه وأدين سترافورد وأعدم وتنفس أنصار الحرية الصعداء، وبالغ البرلمان في الحيطة فأصدر قراراً فحواه ألا يجوز حل البرلمان إلا بموافقة أغلبية أعضائه؛ وقضى البرلمان بحل محكمة غرفة النجم والمحكمة العليا المختصة بالشؤون الدينية.
وخيل لأنصار الحرية أنه لم تعد تعترضهم عقبات، ولكنهم ما لبثوا أن أحسوا روحاً رجعية في مقاعد البرلمان نفسه، وذلك بسبب مغالاة البيوريتانز ضد النظام الأسقفي، فقد قدم هؤلاء مقترحاً إلى البرلمان يقضي بإزالة هذا النظام كله وسمي مقترحهم باسم مقترح الأصل والفرع، ولكن بعض النواب كانوا يميلون إلى النظام الأسقفي فعارضوا هذا المقترح وانضم إلى هؤلاء نواب آخرون أشفقوا من تطرف البرلمان في استلاب سلطة الملك ورأوا أن الملك قد أذعن أكثر مما يجب أن يذعن وتوجسوا خيفة من عواقب هذا التطرف كأنما يلمح لهم شبح الفوضى.
وأخافت هذه الرجعية بم وزملاءه، فأقدم بم على عمل خطير وهو ما سمي الإعلان الأعظم