للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وهو عريضة قدمت إلى البرلمان وفيها جميع ما ارتكب الملك وأعوانه من أخطاء في السياسة والدين منذ بداية عهده وطلب إلى البرلمان أن يقرر صحة ما جاء فيها، وبعد مناقشة عنيفة في جلسة طويلة استمرت الليل كله وافق البرلمان عليها بأغلبية تسعة أعضاء فحسب فأظهرت هذه العريضة عدد أنصار الملك في البرلمان وتبين أنه عدد لا يستهان به.

وتزايدت مخاوف بم وأنصاره، وكان الملك قد ذهب إلى اسكتلندة على أثر وفاق البرلمان بين إنجلترا والجيش الثائر في اسكتلندة، فلما عاد شارل إلى إنجلترا استقبل في لندن بحفاوة عظيمة. . . . . .

وكأنما أغرته تلك الرجعية في مقاعد البرلمان وهذه الحماسة التي لقيه بها أهل لندن بأن يضرب ضربة، فخطا خطوة جريئة ود كثير من أنصاره أنفسهم لو أنه لم يخطها، وذلك أنه وجه في سنة ١٦٤٢ إلى خمسة من أعضاء البرلمان على رأسهم بم تهمة الخيانة العظمى، وبعد يومين ذهب إلى البرلمان بنفسه على رأس قوة من حرسه وقفت عند بابه شاكية السلاح وطرق شارل الباب ودخل القاعة ليقبض على الأعضاء الخمسة، ونهض النواب وقوفاً وحسروا القبعات على رؤوسهم، واتجه الملك إلى منصة الرئيس فخر أمامه على ركبتيه وساد الصمت فلا يسمع إلا همس، ودار الملك بعينيه يطلب الأعضاء فلم يتبين في الصفوف منهم أحد فقد نما إليهم ما اعتزمه الملك قبل حضوره بدقائق ففروا فسأل عنهم الرئيس فأنكر معرفته متى حضروا ومتى انصرفوا، ونظر الملك إليه نظرة شديدة ثم خرج هادئ الخطى يعلن إلى حرسه أن قد (طارت الطيور الخمسة).

وتسامعت لندن بما كان من أمر الملك فهبت المدينة التي لقيته بحفاوتها منذ قليل تدافع عن النواب، واشتدت حماسة الناس، وصمموا على أن يعود الأعضاء إلى مجلسهم في مظاهرة كبرى وأعدت الزينات في الشوارع وعلى صفحة النهر في القوارب، وكان لا بد أن تمر المظاهرة بقصر الملك فلم يطق الملك أن تقع عيناه عليها أو تسمع أذناه ضجيجها فترك المدينة.

وأخذ البرلمان يعد العدة للدفاع عن كيانه، وأعد الملك عدته ليسحق بها البرلمان ومن يظاهره من الناس، واندلعت نيران للحرب الأهلية التي انتهت بهزيمة شارل بعد أن دارت رحاها لأكثر من أربع سنوات

<<  <  ج:
ص:  >  >>