كان من الطبيعي أن تتغير نظرة المسلم الهندي هذه الأيام الأخيرة على أثر التقارب عن طريق التمثيل الدبلوماسي وتبادل الزيارات. ولعله قد عرف أن المانع الحقيقي من التقدم نحو الاتحاد ليس عاملا خارجيا أجنبيا بل هو داخل نفوس إخوانه المسلمين الذين أصبحوا غير مستعدين لقبول هذه الفكرة. وقد اقتنعت أنا شخصيا بصدق ما صرح به البانديت جواهر لال نهرو، رئيس وزراء الهند، عقب زيارته الأخيرة للقاهرة من أن أي اتجاه إلى التكتل على أساس الدين في الشرق الأوسط أمر مستحيل، فاستعنت باليأس على التغلب على ما غمرني من القلق وبدأت أغتبط بواقعية رجال الحكومة الباكستانية حينما لاحظت فتورا في تصريحاتهم إزاء أي حلف رسمي، وظننت أن الفكرة قد وضعت على الرف أو كما يقولون في المثلجة إلى أن تنبعث من داخل قلوب المسلمين في جميع الأقطار الإسلامية على السواء حتى يجيء الاتحاد نتيجة لشعور عام صادق متدفق قوي.
ولكن ظهرت في الأسابيع الأخيرة بوادر تنذر بأن يتم على أيد أجنبية خفية ما لم يكن ليتحقق بالرغبة الذاتية فأثارت في نفسي خواطر رأيت أن أدمجها حتى يتبين كل منا حقيقة فكرة الاتحاد الإسلامي من أي صورة ممسوخة له ربما لتساور بعض الأذهان في الوقت الحاضر.
أن فكرة الاتحاد الإسلامي فكرة دينية بحت ترتكز من حيث المبدأ على الشعور بالأخوة وواجب المساهمة في الآلام نحو كل من يشارك الآمال وأهداف الحياة. ومن الواضح أن هذا الشعور داخلي شخصي اختياري محض ولا يحتاج وجوده إلى أية مبررات من المصالح السياسية أو الاقتصادية مع أن تلك الفوائد لابد وأن تنتج منه وترافقه إذا أحكم تدبير الوسائل الفنية الأزمة لها. فالاتحاد الإسلامي بطبيعته يأبى إلا أن يكون اتحادا بين الشعوب الإسلامية بعد أن تسترد هي الإيمان بالفكرة الدينية في تنظيم حياتها الداخلية وتدعيم علاقاتها الخارجية والدولية.
فما حال الشعوب الإسلامية في الآونة الحاضرة؟ ليس الكلام عن تركيا يصعب؛ فإنها جريئة صريحة تحدث ما تحدث عن علم. أما الممالك العربية فتكاد تجد لها ممثلين ومراقبين في جميع المؤتمرات مهما اختلفت أنواعها وتضاربت أهدافها، وقلما تلاقي خطة واضحة مرسومة بعيدة المدى في تصريحاتها أو تصرفاتها. وقد خيل ألي فيما يتعلق