سريرة نفسي من أخلص عبادك
مولاي، إليك الأمر كله فافعل ما تشاء، ولن تراني إلا حيث تحب في جميع الأحوال
أرجع كارهاً إلى محاسبة الأستاذ أحمد أمين:
صرح الأستاذ بأن الدين له أثر كبير في الأدب (لأنه من ناحية مصدر كبير من مصادر الإلهام الأدبي، ومن ناحية أخرى كان الأديب ذا دين وثني جامد تأثر أدبه بعقليته فخرج مثله مادياً جامداً، وإذا كان دينه ضيق الخيال لاصقاً بالحجارة والأرض كان خياله في أدبه غالباً كذلك، لأن نفسية الإنسان وعقليته وحدة لا تتجزأ، وان اختلفت مناحيها ومظاهرها. من أجل هذا نرى الأدب الجاهلي في الكثير الأغلب مادياً لا معنوياً، ولا روحياً)
ذلك كلام أحمد أمين. وهو بهذا الكلام يضع قاعدة أدبية: هي تأثر الأدب بالدين
فدين الجاهلية في رأيه دين أرضي وضيع، وكذلك كان أدبهم، لأن الأدب من صور الدين
ولكن العرب لم يطل عهدهم بالوثنية فقد أنعم الله عليهم بالإسلام، وهو دين سماوي رفيع، فكان الواجب أن يتأثر أدبهم بذلك الدين فيسلم من تلك الصبغة الأرضية الوضيعة
منطق الأستاذ أحمد أمين يقضي بذلك
ولكن الرجل يصر على رأيه في تحقير العقلية العربية فيجزم بأن الشعر العربي لم يتغير بعد الإسلام، وإنما ظل في أسر العقلية الجاهلية
فهل يكون معنى ذلك أنه كان مخطئاً حين قال بتأثر الأدب بالدين؟
أم يكون معنى ذلك أن الإسلام لم يستطع أن يمحو تلك العقلية الجاهلية
لا هذا ولا ذاك
فالعرب في جاهليتهم تأثروا بالوثنية، وتأثروا في إسلامهم بالإسلام، ولكن أحمد أمين يمزح في مواطن لا يقبل فيها المزاح
وإلا فمن الذي يقول بأن الشعر العربي لم يتغير ولم يتطور بعد ظهور الإسلام؟
هل كان في الجاهلية شاعر كأبي العتاهية في الزهديات؟
هل كان فيهم شاعر كالشريف الرضي في الحجازيات؟
هل كان قيهم شاعر كأبي نواس في الخمريات؟
كان فيهم شاعر كابن المعتز في التشبيهات؟