وهل استطاع الشعراء الجاهليون أن يصنعوا ما صنع الشعراء الإسلاميون في تنويع القوافي والأوزان؟
هل عرفوا الابتكار الذي ابتدعه الأندلسيون والمصريون والعراقيون؟
هل عرفوا تسجيل التاريخ بالشعر كالذي صنعه بعض شعراء مصر والأندلس؟
إن أحمد أمين يشهد على نفسه بما لا أدري حين يحكم بأن الشعر الإسلامي صورة من الشعر الجاهلي؛ وإلا فإن ضاق ذرعاً بهذا الوصف فليدلنا على باحث يؤيده في هذا الرأي الغريب
وهل في الدنيا كلها رجل يجرؤ على القول بأن الشعر الإسلامي في مختلف عصوره ليس إلا نسخة ثانية من الشعر الجاهلي؟
إن احمد أمين افتتح مقالاته في مجلة الثقافة بتلخيص كتاب الموشي، وهو كتاب يشرح أفانين الشعراء في وصف حياة القصور وملاعب الترف واللين
فهل كان في شعراء الجاهلية من يعرف تلك الأفانين؟
ومن هم العرب بعد الإسلام في ذهن أحمد أمين؟
يجب أن نعرف أولاً من هم العرب في ذهن هذا (الأديب) فظاهر كلامه يدل على أنهم سكان البوادي العربية، وسكان البوادي يتطورون تطوراً بطيئاً جداً، وقد تظل أحوالهم متقاربة الأشكال والأوضاع ألوفاً من السنين. ومع ذلك لا يمكن القول بأن الإسلام لم يغير سكان البوادي ولم ينقلهم من حال إلى أحوال في العقائد والتصورات، لأن الإسلام رجّ البوادي العربية رجة عنيفة وحول سكانها إلى رجال مؤمنين يتابعون ما في القرآن من صور النعيم والعذاب. ولو أن أشعار سكان البوادي دُوِّنت وعرفت مغازيها ومراميها لاستطعنا أن نعرف إلى أي حد أثر الإسلام في تلوين الصور الشعرية عند سكان البوادي العربية