للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حطَّت جِياعاً، فلما أتخمت نهضت ... كما تطيرَ، فما اسطَاعتْ، فلم تقم

فهي الغداةَ بوادي النيل جاثمةٌ ... مقيمةٌ أشبه الأشياء بالهرم

فما يزحزحها شعرٌ نصيح به ... ولا البليغ من الأمثال والحكم

لا يدفع الضيمَ قولٌ أنت قائلُه ... بل يدفع الضيم غرمٌ غيرُ منفصم

ويدفع الضيمَ بأسٌ لا مَردَّ له ... ويدفعُ الضيمَ شَعْبٌ غيرُ منقسم

خاطبْ بكفك إن لم يستمع أحدٌ ... لعلَّ في اليد ما يشفي من الصمم

وأعلمْ بأن براهينَ اللسان إذا ... لم تدَّرع قُوَّةً شرٌ من البَكم

لولا أظافرُ للآساد مرهفةٌ ... لم يرهب الناسُ زأرَ الضيغم القرم

لا يَنْزِلُ الظلمُ عن ظَهْرٍ طَواعيةً ... إن لا يزلْ عنهُ رغم الأنف لا يَرِم

في (الامتيازات) ما أغرى النزيلَ بنا ... فيا لها نِعَماً جرَّت إلى نِقَم

وغرسُك الخيرَ في الأرض التي خلقت ... للشرِّ غَرْسُكَ للأعواد في الضرم

لا تنبتُ النارَ يوماً ما لكم شجراً ... ولا تسوقُ إليكم هاطلَ الديم

تأبي طبائعُ قوم عنهمُ حِولا ... فاستخلصوا ما وهبتم قبلُ للأمم

لو سِيمت العجمُ ما سيمَ الحمى غضبت ... على الشكائم واستعصتْ على اللجم

ثوبٌ من العارِ قمنا اليوم نخلعه ... كفى كفى ما لبسنا منه في القدم

كم فرَّ من يدك الشلاء متَّهمٌ ... يأيها الوطنُ المرمىُّ بالتهم

وكم قتيل على الوادي وقاتله ... في (الامتيازات) مثلُ الطيرِ في الحرم

صَعْبُ المنالِ على القانون ممتنعٌ ... كالنجم في الأفقِ لم يدركْ ولم يُرَم

هذا هو الذلُّ لا ذلُّ الغريب ولا ... ذلُّ الرقيقِ بسوق الأعْبُدِ القزم

وما ذليلٌ له أرضٌ لها علمٌ ... مثلُ الذليل بلا أرضٍ ولا علم

لا يفعلِ الخيرَ بعدَ اليوم فاعله ... مَنْ يفعلِ الخيرَ يندمْ أيَّما ندم

أقسمتُ بالله لو أغنى دمي لمشت ... نفسي به، وقليلٌ للبلاد دمي

محمد الأسمر

<<  <  ج:
ص:  >  >>