أما في (مستنقع) زمنك الأخير يا صاحبي، فمشغلة الكاتبين لجاجة الذباب. . كما سماها أستاذك الجاحظ فقد أصابه منها شر متطاير وثاب، ستأتيك قصته في خاتمة الحديث
استقرت لجاجة هذا الذباب الذي أصبحت تعرفه معي، على أوضاع تواثم دواعي الأيام، حيث يصطرع مجتمعه بأعاصير التعاطف الرخيص العاصف بالنفوس الذليلة، والضمائر العليلة، فأطعمه المجتمع شرائح الأعراض، فأمتصها غرداً كفعل الشارب المترنم ثم نفثها، طاقة ومجهوداً؛ فاستشرت الأدواء في الأصحاء. . . قتل وتجريح وإيذاء!!. .
قال صاحبي: الهذا آثرت الغافية. . ونجوت؟ قلت: ولمساخر أخرى يحجزني عن التصريح بها أنك رجل وقذك الورع، وأسقمتك التقوى، وتلك التي لم تستطع أوربا أن تبتزها منك!! وحسبك أن شيئاً وأشياء - تزيد على ما أصاب أستاذك الجاحظ - نالني من شر هذه المخلوقات، فألفيتني أعدوا وأجد؛ وقد سلبني (الذباب) راحة البال واطمئنان الخاطر، وقد يئست من استنقاذهما منه، ضعف الطالب والمطلوب! وظلت أعدو حتى انتهى الشوط
أأجد يا صاحبي ظلا وأمنا في هذا المكان؟ حيث لا للشر على الخير سلطان. . .
قال قل لي ما كان من أمر الجاحظ حين خرج يريد دير الربيع، فتلقاه الأندلسي قائلاً: مالك يا أبا عثمان؟ هل من حادثة؟
قلت يا صاحبي: هذه قصة تطول. . . فافرغ لي من شغل غدك، اكمل لك ما كان شأن أبي عثمان. . قال: وحينذاك أفتيك عن مصيرك في هذا المكان. .