ينكر شيئاً منها، وقالوا: هذا شيء درج عليه السابقون المتقدمون، ودونوه في كتبهم، وشرحوا به كتاب الله، وتلقته الأمة بالقبول؛ وما كان لنا، ولسنا بأعلم منهم بالدين، ولا بأبعد نظراً في فهم أساليب القرآن وتخريج الأحكام، أن نحيد عما تلقيناه منهم قيد شعرة، ولا أن نخالفه في قليل ولا كثير
وبذلك اسلموا عقولهم إلى غيرهم، وجنوا على أنفسهم بحرمانها لذة التفكير، وجنوا على دينهم باعتقاد أن هذه الأوهام من الدين
وكما أفسدت عليهم هذه النزعة حياتهم الفكرية، وصورت لهم دينهم بهذه الصورة المشوهة، جنت كذلك على حياتهم العملية فتركتهم يزهدون في الدنيا، ويكبلون الناس بما يفهمونه من معنى القضاء والقدر، ويكلونهم إلى التوكل الجاف الذي لا يعتمد الأسباب: وبذلك افتقر المسلمون والناس من حولهم أغنياء، وضعفوا والناس من دونهم أقوياء، وحيل بينهم وبين الأخذ بالأسباب على حين سخر الناس السماء والأرض والجو والماء!