للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عن (المتممات) التي تأتي بعد الفراغ من الأسس والأركان واستقرار البناء على نظامه الأخير. وكذلك نقول مثلاً إن القرن التاسع عشر كان قرن الانقلاب الصناعي ولا نمنع بذلك استمرار الاختراع في عالم الصناعة إلى القرن العشرين بل إلى هذه الساعة

فالأرض نفسها كانت مجهولة قبل الكشوف التي بلغت أوجها في القرن السابع عشر وما حواليه

والبنية الإنسانية نفسها كانت مجهولة قبل تلك الكشوف، فكان من الناس من ينازع في شكل الأرض وفي القرار الذي هي قائمة عليه؛ وكان منهم من يزعم أن الإنسان في بعض الأصقاع يشبه الكلاب أو يشبه الغيلان، ويجري التناسل بينه وبين فصائل شتى من الحيوان

فلما انتهت كشوف القرن السابع عشر انتهى الخلاف في أمر الأشكال والظواهر، وانفتح المجال للبحث في الحقائق والبواطن، أو لمعرفة الإنسان نفساً بعد أن عرفناه تركيباً ووضعناه في موضعه من عالم الأحياء الظاهرين

ولقد ذكر الأستاذ (أديب) كشوف الكواكب وكشوف الذرة وأمواج الأثير والأشعة الكونية، إلى أمثال هذه الكشوف العلمية التي حدثت بعد القرن السابع عشر ولا تزال تحدث في هذه الأيام

ولكن ما شأن هذه الكشوف وما نحن فيه؟ وأين هي من (الحاسة الاجتماعية) التي تتعلق بها القصص وأبطال الرواية وأبطال السياحات؟ أو التي تتعلق بها الديمقراطية وما لها من الأثر في وصف المجتمع وتحليل أفراده وطبقاته؟

فالسائح الذي يعود من الأقطار الأسيوية وقد روى لأبناء وطنه أنباء البذخ والفخامة ونوادر الذهب والفضة والجواهر والنفائس في أيدي الناس؛ يلهب أشواقهم ويعلق آمالهم وأحلامهم وأوهامهم أضعاف أضعاف ما يفعله كشف الذرة وما إليه من كشوف لا تتصل (بالحاسة الاجتماعية) إلا من بعيد

وألف كشف من كشوف (الذرة) لا يغير وصف الأبطال في القصص والروايات إلا أن يصل إلى اختراع طيارات أو سفن أو أسلحة أو ما شابه هذا من أمور تتصل (بالحاسة الاجتماعية) على نحو من الأنحاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>