كان مسيراً بعقله الباطن الذي تكمن فيه الغرائز مكبوتة بفعل المختلق من الأوضاع الاجتماعية أو بضغط الظروف القاهرة. وما حديثه عن الجمال والحرير والخنفس إلا صدى ما ركبه عقله الظاهر، وهو عقل لا يملك إلا التكييف السطحي لتصرفاتنا وانتحال الأسباب وفاقاً للمنطق. كما أن الحديث نفسه هو وسيلة المؤلف للتعبير والتعليل وأداته للإيضاح، وهو يحاول متعثراً أن تنشئ علاقة بين هذه البادرة الباطنية الغامضة، وبين الواضح والمعقول في أقوال وأفعال (دردير أفندي)
ولابد من الإشارة إلى أن المؤلف أطال في تعليل وتفسير هذه البادرة أو هذه العقدة النفسية، لأنه نحا في هذا نحو الكتاب الرومانسيين كما يتضح ذلك في بحثنا السابق عن اتجاهات علم النفس في مراحل المسرحية.
نعم إن تيمور صاغ مسرحيته على أساس الرومانسية، فلم يكن له بد من أن يجري على شرعتها في تفسير العقدة النفسية، وهو في هذا قد أحسن التمهيد لهذه العقدة، وذلك الانطلاق الغريزي في ناحية من نواحي النفس بأن جعل (دردير أفندي) يحتسي خمراً، والخمر تساعد على إيقاظ هوامد النفس وانطلاق الرابض المكبوت في أعماقها، وتعمل على إسقاط القناع الذي تخفى النفس وجهها الأصيل وراءه.
وليس في جرى (تيمور) على سنة الرومانسيين في إنشاء مسرحيته هذه ما يسلب شخصية الصعلوك طرافتها من الناحية النفسية، إذ أن شخصية (دردير أفتدي) عريقة في إنسانيتها تحيا بيننا ونحس بها، هي أنموذج بشري طريف سجل سماته قلم تيمور في عالم المسرحية المصرية.