قرأت مقالكم (حول الوحدة العربية) الذي تردّون فيه على الدكتور طه حسين، في العدد (٣١٥) من الرسالة الغراء فلفتت نظري فيه الجملة الآتية:
(وأؤكد لكم أنني - بقدر ما أؤمن بفكرة العروبة، وبقدر ما أعتقد بإمكان الوحدة العربية، وبقدر ما أقول بوجوب السعي وراء تحقيقها - أعتقد باستحالة الوحدة الإسلامية)
فهل لي أن أسألكم سيدي الأستاذ، علام بنيتم اعتقادكم هذا؟ وعلى أي أساس أصدرتم حكمكم باستحالة تحقيق الوحدة الإسلامية؟ إن من المعروف لدى الخاص والعام أن رابطة الإيمان والعقيدة أقوى من روابط اللغة والعادات والمصالح، وأن التقارب بين الناس والتفاهم، يقوم - مع وحدة اللغة - على وحدة المبادئ والعقائد والغايات. وهاهي ذي مبادئ الشيوعية والاشتراكية والماسونية وغيرها تجمع بين أناس اختلفت لُغاهم وأجناسهم وبلادهم وأقاليمهم، ولم يمنعهم هذا الاختلاف كله من أن يتفاهموا ويتقاربوا ويجتمعوا على خطة واحدة ومبدأ واحد، أفتكون مبادئ الإسلام مانعة من اتحاد المؤمنين بها واجتماعهم؟
يعلم الأستاذ أن العرب في الجاهلية كانوا متنافرين متخاصمين مع أن لغتهم كانت واحدة، وعنصرهم واحداً، وأن الإسلام قد آخى بين العربي وغير العربي وجمعهم على مبادئه السامية وألّف بين قلوبهم، وجعلهم أمة واحدة رغم اختلاف الأجناس واللغات، أفتكون هذه الوحدة التي أمكن تحقيقها في عصر صدر الإسلام وعصر الأمويين والعباسيين ومن أتى بعدهم، مستحيلة في عصرنا هذا؟ إن كل مسلم في سورية أو مصر أو العراق يعتقد أن المسلم الهندي أو الياباني أو الأوربي أخ له كأخيه المسلم الذي يعيش معه جنباً إلى جنب ففيم استحالة تحقيق الوحدة الإسلامية؟
أنا لا أنكر إمكان تحقق الوحدة العربية ولا أقول بمقاومتها ولكنني أعتقد - ويعتقد معي كل مسلم على وجه الأرض - أن الوحدة الإسلامية أقوى من كل وحدة سواها، وأن تحقيقها أسهل من تحقيق أية وحدة أخرى، فهل لكم أن تبينوا لي خطأ اعتقادي هذا، وأسباب استحالة تحقيق الوحدة الإسلامية؟