اعتادها لأنه كان في أواخر أيامه في ضيق مالي شديد اضطره لإجهاد نفسه وأخيرا لإرهاق جسمه والقضاء عليه في أيام بائسة وصف في أثنائها هذا المنظر بقوله:
أرى الشمس على سفح تلة (وردلو) تغوص لتغيب وراء وادي (إترك) والريح الغربية هادئة لا صوت لها، والبحيرة ترقد نائمة عند أقدام التلة. غير أن هذا المنظر بجلال روعته لا يحمل بين طياته تلك الألوان البراقة والجاذبية الخلابة التي كان يحملها في زمان سلف وعهد غبر.
مع أن يد المساء تطلي بوهيجها شاطئ (إترك) فتكسبه صبغة أرجوانية. ألقيت نظرة على ذلك السهل لأرى تيار نهر (نويد) الفضي ينساب متماوجا في مجراه، وأنقاض هيكل (ملروز) قائمة في كبرياء إلى جانب البحيرة الوادعة.
لكن الهواء العطري والتلة والغدير والبرج والشجر، مالي أراها تبعث الملل؟ هل هي كما كانت بالأمس، أم أن التغيير هذا في نفسي فقط؟.
ويلاه! كيف يمكن للوح المقوس المحطم أن تزخرفه يد الدهان؟ وكيف يمكن للقيثارة ذات الأوتار المتشنجة غير المنسمة أن تتناسق أنغامها مع صوت المطرب الشادي؟
هكذا كل منظر رائع تتضاءل روعته في نظر العين المتألمة.
وكل نسمة عليلة من الهواء اللطيف تبد وللمحموم زوبعة قارصة.
وكل عرائش البادية وجنات عدن قاحلة كهذا المنظر في نظري.
وهذا شاعر الطبيعة وليم وردزورت (١٧٧٠ - ١٨٥٠) وكان شاعر البلاط في عهده يصف جمال الكون وهو في شيخوخته وصفا مشابها لوصف (سكوت) فيقول: لقد مضى زمن كان فيه المرج والبستان والغدير والأرض وكل منظر اعتيادي يظهر لي موشحا بنور قدسي.
وكأنما أفقت من حلم مروع فأراها الآن مغايرة لما كانت عليه في سالف الأزمان؛ وإني وجهت نظري في الليل أو النهار تظهر أمامي الأشياء التي كنت أراها من قبل يظهر قوس قزح ثم يتلاشى، وتفتح أزهار الربيع الجميلة ويضيء، حولها القمر الساطع في الليالي الصافية، ويتلألأ ماء الغدير في تلك الليالي المقمرة، وتشرق الشمس فتخلب الألباب، بيد أني أينما ذهبت أشعر بأن مجدا سالفا قد زال عن وجه الكون.