ويقارب هذا الوصف ما نظمه زميله الشاعر (شلى) وهو يتحسر على الماضي ويتألم لحاضره فيقول:
أيها العالم، أيتها الحياة، أيها الزمن، يا من أقف على آخر درجات سلمك وأنا أرتجف فرقا حين أنظر إلى أسفل حيث درجات الماضي البعيد.
متى يعود مجدك وعظمة أيامك التي ولت؟
آه! لن تعود! لن تعود!
إن السعادة قد طارت من أيامي وليالي.
فالربيع الجميل والصيف النضير والشتاء الأبيض تحرك في فؤادي مشاعر الأشجان دون أن تجلب شيئا من المسرة والابتهاج. فمتى يعود لنفسي المرح والحبور:
آه! لن يعود! لن يعود!
وفي فترة من اليأس الشديد مرت بهذا الشاعر السيء الحظ عندما كان بعيدا عن وطنه يقاسي مرارة الغربة وألم البعد عن الوطن وفرقة الأحباب بعد أن خرج على والده وهجر وطنه فتكبد مشقات لا توصف، في هذه الفترة نظم قصيدة يدعو فيها نفسه إلى العودة لأرض الوطن فيقول:
هيا فإن المرج مظلم حالك بعد أن امتصت السحب آخر أشعة المساء الشاحبة.
هيا فإن الرياح المتجمعة تنادي الظلام؛ ولا ريب أنه سيلبي النداء فيغطي جميع أنوار السماء كما لو كان كفنا شديد السواد.
لا تتريث فقد مضى الوقت، وكل صوت في الطبيعة يناديك بالإسراع لا تغرينك دمعة من صديق أو نظرة من حبيب مهما بالغت في توسلاتها؛ لأن الواجب يدعوك لأن تعود إلى العزلة والانفراد.
هيا أسرع، أسرع إلى وطنك الهادئ الحزين، وهناك اسكب الدموع المريرة على موقده المهجور، وارقب ظلاله القائمة وهي تتحول من هنا إلى هناك كالأشباح، وانظر إلى نسيج غريب هناك سداه الكآبة ولحمته المرح. إن السحب التي تسير في السماء لتخلد إلى الراحة في منتصف الليل عندما تسكن الرياح المتعبة، وكما تسكن هذه الرياح فإن القمر كثيرا ما يريح نفسه فيغيب عن عالمنا المترع بالأحزان، وهذه البحار والمحيطات تجد لنفسها فترات