والحياة بابتسامتك المنيرة وفتوتك الباسلة؛ وطفقت أراقب الساعة أحسب الوقت فلم تمرّ، فشككت ولكني لم أصدق ما قال المرجفون، ورأيت النساء يبكين ويندبن، فبكيت والله ولكني لم أصدق ما قاله المرجفون. . . وشاهدت بغداد وملء شوارعها البكاء والحسرة والندب، ولبثت أشك ولبثت أرجو، حتى سمعت المدافع ووعيت صحيحة، فلم يبقى شك ولم يبقى رجاء. . . لقد تحقق النبأ فواحسرتاه. . . لن نراك (يا غازي) طالعاً علينا، لن نبصر من بعد موكبك ولا ابتسامتك ولا تحيتك، فيا غازي في ذمه الله وأمانه، يا غازي عليك رحمة الله.
يا أهل بغداد!
مات غازي فابكوا واندبوا، فعلى مثل غازي يحلو الندب والبكاء.
يا أهل بغداد!
ما فجعتم فيه وحدكم، ولكنها فجيعة العرب بسيد العرب. لقد كان منار رجائنا (معشر الشاميين) فانطفأ المنار. لقد كان لنا مناط الأمل. لقد كان لنا كل شيء. . . فيا أهل بغداد كلنا في المصيبة سواء ولكننا سنتبع طريق غازي، وسنمشي تحت لواء خليفته. حتى نبلغ الغاية التي سعى إليها ويقول التاريخ: إن العرب يبكون سيدهم الراحل لأن لهم عواطف وقلوباً، ولكنهم يخلصون لسيدهم الجديد لأن لهم مطامح وعقول. فيا غازي أذهب إلى رحمة الله مشيعاً بالحب والإكبار. ويا أبن غازي اعل العرش، وانشر اللواء واحمل التاج، فإنه ليسر روح غازي في سمائها، وعظامه في ثراها أن يخلص شعب غازي لخليفة غازي كما أخلص له.
يا غازي عليك رحمة الله. ويا خليفة غازي ابسط يديك فهذه بيعتنا، وسر بنا إلى الأمام فهذه سواعدنا وهذه أرواحنا. . . إلى الأمام. . . وعلى غازي رحمة الله والسلام.