للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

النعاج؛ يسخر ويلعب به، ولا عرض ولا ناموس ولا قيود، وحياته حياة فنّها آلي وعلمها للتدمير والغلبة، ومثلها مكيافلية. . . وإذا مات هلك وقذف به إلى ظلمة الأبد من غير رجعة أو ذكرى أو أمل في مصير أكمل؟!

أما والله لو كان دين الإنسانية هذا خداعاً باطلاً، لكان أعظم أثراً في صلاح الحياة من ضده ولو كان الحق! لأنه قانون الحياة الاجتماعية، فإذا تركه الإنسان كان عليه أن يرتد إلى حياة الغابات. . . وقد أرتد بعضه فعلاً الآن. . . ولكنه سيعود. . .

ولست أدري: ما هو غرام بعض الناس في أن يزعموا أنهم كشفوا تيارات واتجاهات في الحياة تجعل الناس يحطمون الحياة الاجتماعية التي نمت مواريث علومهم وأخلاقهم في أحضانها؟

إن كل ما يضر حياة الجماعة، فهو شر يميت الضمير وينزع منه الإيمان بالخير ويسلم إلى النكسة والارتداد

على أسوأ الافتراضات في تفاهة أصل الإنسان وضآلة مكانه في الوجود، فتفجر نبع الضمير في قلبه وطواعيته تحت تأثيره لا بد أن يكونا بوحي وضغط من عالم أعلى. . .

وهذا الروح اللطيف الذي يوجد في القلب حين الحب، أو حين مبادلة العلم والفكر، أو حين تفتح القلوب بالخير، أو حين النظر للوجود بالعين الصافية الآملة المتفائلة، أو حين استحضار المعاني الكبيرة: كالمروءة والإيثار والتضحية الصامتة، أو حين الإيمان العميق الرحب المشع. . . هذا الروح هو مكان رصد الإنسان والأنس به والأمل فيه

فلنرصده من هناك ليكون المنظر جميلاً أخاذاً، يبعث على التفاؤل والحب والسعي إلى الاكتمال. . . أولى من أن نرصده من مكان آخر يبدو منه مطموس الجمال، مقبوح الخصال، منحط المكانة، باعثاً على التشاؤم والبغض والحقد وسوء المآل!

عبد المنعم محمد خلاف

<<  <  ج:
ص:  >  >>