بأيدينا، والله لا يغّير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم، وإذا سلمت ضمائرنا من الزيغ والانحراف فلن تستطيع أية قوة في الأرض أن تصدنا عما نريد لأنفسنا من السداد والتوفيق
والعقبة الأولى في طريق الوحدة العربية هي عقبة الجنس، فكثير من الناس يتوهمون أن الرجل لا يكون عربياً إلا إذا كان من أصل عربي صميم؛ وهذا خطأ في خطأ وضلال في ضلال، فالعربي الحق هو من انطبع على لغة العرب ولو كانت أصوله من المكسيك، ولا يجوز عندي أن ينتسب إنسان إلى العرب وهو لا يعرف من أسرار لغتهم غير أوهام وظنون، ولو قدم الوثائق التي تثبت أنه من سلالة الرسول
العروبة لغة لا جنس. العروبة لغة لا جنس. العروبة لغة لا جنس
ولو شئت لكررت هذه العبارة ألف مرة، بدون أن أشعر بأنها حديث معاد؛ لأن روحي يحس كل حرف من حروفها إحساساً قوياً، ولو كررتها ألوف المرات
وإذن فمن واجبي أن أثور على من يقسم بلادنا إلى أجناس، وبلادنا هي جميع البلاد التي تتكلم العربية في الأقطار الأفريقية والأسيوية
فجميع أهل مصر والسودان عرب، وسكان أفريقيا الشمالية عرب، والفلسطينيون والسوريون واللبنانيون كلهم عرب، والعراقيون جميعاً عرب، والهنود اللذين يتكلمون لغتنا عرب، وأهل فارس في أصولهم عرب، لأنهم نهضوا بلغتنا المحبوبة في أجيال طوال
والأستاذ سلامة موسى عربي، وإن كان يخاصمني من وقت إلى وقت حول مكانة العرب في التاريخ، بل هو سليم العروبة إلى أبعد الحدود لأنه يتجنى على العرب بلغة العرب، وعروبته أصح عندي من عروبة من صح نسبه إلى يعرب وليس له في خدمة اللغة العربية وجود
العروبة لغة لا جنس، فليفهم هذا دعاة الوحدة العربية، إن كانوا صادقين
وسيأتي يوم ندعو فيه مواطنينا إلى الاندماج في الكتلة العربية، وأريد بهم المستشرقين من أبناء الألمان والروس والفرنسيين والإنجليز والطليان والأسبان، فأولئك إخواننا حقاً وصدقاً، وإليهم يرجع الفضل في تشجيع الدراسات العربية، وإحساسهم بالعروبة أصدق من إحساس العرب اللذين غفلوا عن إدراك ماضي أسلافهم في خدمة الأدب الرفيع