للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الموسيقى الأوروبية، هذا في الشرق الأقصى، أما الفرس فاحتقروها في بادئ الأمر وترفع أعيانهم عن تعاطيها، ولكن لم يلبث هذا الاحتقار وهذا الترفع أن حل محلها العناية والاعتبار، فألفوا أنغاماً بديعة التوقيع واخذ عنهم العرب كثيراً، يدلنا على ذلك تسمية الألحان العربية بأسماء فارسية كما أخذوا أيضاً عن البيزنطيين، وهؤلاء (البيزنطيون) وأهل فارس بدورهم أخذوا عن الموسيقى العربية. ولم يكتف العرب بذلك بل ترجموا كتب الموسيقى لليونان والهند ودرسوها، وبعد أن نقحوها هي وغيرها زادوا عليها، فألفوا في ذلك المؤلفات القيمة، وجمعوا بين ألحانهم والحان اليونان والفرس والهنود، واستنبطوا ألحاناً جديدة لم تكن معروفة فضلا عما اخترعوه من الآلات. ولا يظنن القارئ أن في وسعي أن اسرد تفصيلا تاريخ الموسيقى العربية والأدوار التي مرت عليها فهذا ما لا طاقة لي به، وسأعمل جهدي في هذا المقال أن أعطي فكرة بسيطة عن الموسيقى العربية من حيث قواعد أنغامها وترتيب ألحانها ومن حيث وزنها الموسيقي وآلاتها القديمة والكتب المؤلفة فيها. . .

الأنغام والألحان والوزن الموسيقي

إن كلمة موسيقى مأخوذة عن اليونانية، ومعناها تأليف الألحان، والموسيقى (علم يعلم به النغم والإيقاع وأحوالها وكيفية تأليف اللحون وإيجاد الآلات الموسيقية)

إن الأصوات الموسيقية درجات أو أبراج متتابعة، الواحدة فوق الأخرى إلى عدد غير متناه، والأبراج الأصلية عند العرب تبتدئ بالياكاه، فعشيران، فعراق، فرست، فدوكاه، فسيكار، فجهاركاه، ويقال لها ديوان، وفوق هذا الديوان ديوان آخر له أبراج النوى؛ فالحسيني، فالاوج، فالماهور، فالمحير، فالبزرق، فالماهوران، وما ارتفع عن ذلك فهو جواب لما يقابله في الديوان الذي تحته وهكذا. وبين هذه الأبراج فسحات يختلف بعضها عن بعض في الكبر؛ وقد قسمها العرب إلى كبيرة، وتتألف من أربعة أرباع، وصغيرة مؤلفة من ثلاثة أرباع، ويحتوي الديوان على أربعة وعشرين ربعاً، وتختلف الألحان، العربية واختلافها يرجع لأسباب، منها طبقة النغم واختلاف الإيقاع وتعويض الأبراج وتضعيف الألحان، وبعض هذه يحتاج إلى قليل من الشرح، فطبقة النغم هي الانتقال في سلم برج من الأبراج صعوداً ونزولا مع حفظ المساحات التي يتغير النغم بتغيرها،

<<  <  ج:
ص:  >  >>