الآسف سريعة نزقة. قالا:(أن من الغريب أن تلك الإصابات التي حدثت في معسكر لازار لم يمت أصحابها. إنها كانت إصابات ذات أعراض نموذجية من الحمى الصفراء، ولكن أصحابها اشتفوا منها وصحوا من بعدها. أفيكون سبب ذلك أن ريد لم يمهلهم على أرجلهم طويلا وبعث بهم إلى الفراش ليستريحوا سريعا). وبدا يلعبان بالنار. قالا:(سنأتي بنفر من المهاجرين الأسبانيين الذين وردوا حديثا، فهم غير حصينين، ثم نصيبهم بالحمى إصابة شديدة، ولكن على أسلوب ريد لتكون العاقبة مأمونة). هكذا فكرا وهكذا اختطا، وما كان ايسر محو الوباء بإبادة البعوض وهو من البعوض الأنيس الذي يسكن منازل الناس ويتناسل في أماكن بين ظهرانيهم غير خافية ولكنهما قالا:(وبهذا نكون أيضاً قد أعدنا تجارب ريد وخرجنا على نفس نتائجه فزدناها ثبوتا)
وجاءا بالمهاجرين، وكانوا قوما جهلاء لا يفقهون، أنصتوا للذي قالاه لهم واطمأنوا إلى أن الإصابة ستكون مأمونة العاقبة. ثم عض البعوض سبعة منهم، وعض ممرضة أمريكية شابة جسورة. فخرج من المستشفى من هؤلاء الثمانية مهاجران والممرضة، وقد أمن الثلاثة عواقب للمرض جديدة، وأمنوا عواقب الأمراض اجمع، وكل هم من هموم الدنيا. خرجوا محمولين على الأعناق والطبول تدق دقا بطيئا خافتا حزينا. . .
ألا ما كان ابرع ريد في بحثه. ألا ما كان أسعده حظا في بحثه - في تلك التجارب التي خلت من الموت في معسكر لازار. . .
واستولى الذعر على هبانا، وأخذت الجماهير تتجمع وتتحدث بالغضب اصطخابا، ومن ذا الذي يلومهم والحياة الإنسانية عند كل الناس غالية مقدسة
كان كارول قد عاد إلى هبانا ليقضي في بعض مسائل علمية صغيرة، وكان رجلا كالحنوطي ذهبت العاطفة من قلبه، وكان فوق ذلك جنديا. قال:(نحن الآن نستطيع أن نستأصل الحمى الصفراء فلا تكون، ونحن الآن نعلم بأي وسيلة تنتقل من رجل لرجل، ولكن الذي لا نعلمه هو الشيء الذي بسببها). هذا ما قاله كارول لريد، وهذا ما قاله ريد لكارول، ولابد من اعترافنا، واعتراف كل أحد معنا، بان الشيء الذي لم يعلماه بعد، والذي ظلا يعتزمان طلبه، إنما كان أمرا علميا محضا لا يهم إلا ممن يطلبون المعرفة للمعرفة. وأني أسألك أكان هذا أمرا من الخطورة بحيث يستحق ضياع الأرواح، ولو أرواح