أم تريدونها على أن تعمل بالمنشار، وتدق بالقدوم، وتصعد على الخشب الممدود فوق العمائر لتبني، وتحفر حيطان البيوت لتضع أسلاك النور وأنابيب الماء. . .؟
أم تريدونها على أن تقف في خطوط النار وفي جرابها سيف يلمع، وعلى كتفها بندقية تقذف بالشرر، أو تجري على الصخر وراء المدفع وفي يدها زناده، أو تحفر الخندق بيديها الناعمتين لتصد عدوان المغير، أو تبني الثكنات لتقيم فيها أخواتها العسكريات الرشيقات الخفيفات الأجسام. . .؟
حدثوني أيها المؤيدون، أتريدونها لهذا لتهون عليكم وتبتذل وتذل، أم تريدون لها النعمة والصون والعزة؟
ما أهون شأنك عند نفسك أيتها الفتاة لو لبيت هذا النداء!
أسمع همساً تختلج به الشفاه: إنهم يقولون: لسنا نريد لها هذا. فحدثوني ماذا تريدون؟ أتريدونها للقضاء والنيابة، ولإدارة الأعمال في المتاجر، وللكتابة والحسابة، وللقيام على شئون الطلاب في المدارس والكليات، وللدفاع عن المظلومين في المحاكم، ولتخطيط المصورات الهندسية للبناء؟
حسن! قد يكون هذا خيالاً لذيذاً يداعب كل فتاة في أحلامها، ولكن. . . ولكن ليس الرجال جميعاً نواباً، وقضاة، وتجاراً، وكتبة وحسبة، ومعلمين ومحامين ومهندسين
إن هذه الوظائف على كثرتها لا يقوم بها إلا ربع الرجال، وثلاثة أرباعهم لغير ذلك من المهام الشاقة والأعمال المضنية، فخبريني يا فتاة: أتريدين أن تكوني رجلاً كاملاً يقوم بواجباته كلها ويحتمل ما عليه من تكاليف الرجولة بشقائها وآلامها؟ أم تريدين أن تكوني ربع رجل؟ يا لها من صفقة خاسرة! إن أعدى أعداء المرأة لا ينتتض من مكانتها الاجتماعية بأكثر من دعواه بأنها نصف الرجل، فما لك ترضين بالأقل لتعودي ربع رجل. . .؟
لا يا أختي، إن لك وظيفة أخرى غير مزاحمة الرجل في ميدانه، وإنها لأجل شاناً وأعظم خطراً من كل ما يقوم به الرجال من أعمال. إن لك وظيفة الأم التي تلد الرجل، ووظيفة المربية في البيت التي تربي الطفل لتخلق منه الرجل، ووظيفة الزوج التي تملأ قلب