على هامش السيرة وألف هيكل حياة محمد وفي منزل الوحي، ولا أظن أن أحدهما نشر شيئاً يقارب ما نشره البكري والشيخ شريف والبارودي
والفكرة التي يتبينها القارئ من كلام الأستاذ الغمراوي غير صحيحة، وهي أن المجون يعصم منه التدين فقد سمعنا في بعض حفلات إحياء المولد النبوي الكريم من التغزل في الذات النبوية من الشعر ما ينبغي أن ينزه عنه ذلك الحفل من ذكر الرضاب والريق والوصال الخ الخ على طريقة بعض الصوفيين.
وسمعنا بعض الأفاضل يختلفون في أمور ثانوية تافهة من أمور الدين، وكل منهم متدين، فإذا انصرف أحدهم ذكره مناظره بكل سوء وبالمجون واتهمه بالزندقة. بل رأينا أن أعظم سلاح شيوعاً في الدفاع عن الدين والفضيلة أو عن عقيدة الوطنية أو عقيدة سياسية هو سلاح المجون في القول وتهمه، وتعدى هذا السلاح هذه الأحوال إلى الدفاع عن النظريات العلمية والرأي يُرى في البحث العلمي. والحقيقة أن المجون مزاج لا دخل له بالتدين أو عدم التدين؛ وقد كان من أثر انتشار مزاج المجون أنك تقول قولاً سليماً تقصد به معنى نظيفاً فيكون أول ما تصنع عقول السامعين أن تفتش فيه عن تخريج إلى المجون، ولا فرق في ذلك بين المتدينين وغير المتدينين، ورأينا أناساً من المتدينين يدعوهم الحسد والحقد إلى اتهام كل من كان أغنى أو أعقل أو أنظف منهم بالمجون. ونعرف أن في علم النفس قاعدة تدل على أن بعض الناس حتى المتدينين منهم يتمنون لأنفسهم أماني المجون فيتلذذون بأمانيهم بنسبة ذلك المجون إلى غيرهم. وهناك طائفة من المتدينين صاروا ينافسون بعض رجال الصحافة والسياسة في سلاحهم السياسي ويحتجون باستعمال حسان بن ثابت هذا السلاح في الدفاع عن الدين، وقد فاتهم أن المسلمين كانوا في عهد قوله هم المضطهدين المشتومين وقد نالهم من أقوال خصومهم من السباب مثل ما نال المشركين من أقوال حسان بن ثابت. وفي يقيني أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما دعا له أن يؤيده روح القدس وعندما نصحه أن يلجأ إلى أبي بكر الصديق لم يكن يريد أن يزيده سيدنا أبو بكر من شدة الهجاء فقد كان الشاعر به أعرف، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم تحرج من الرمي بالباطل بالرغم من أن شعراء الكفار ما كانوا يتحرجون من ذلك. وقد ذهبت أقوالهم بعد ما انتصر الإسلام وبقيت أقوال حسان بن ثابت. ولو بقيت أقوال شعراء الكفار لدلت على ما