يفيض على هذا السهل، ويجوب ذاك الوادي، ويرف على قلل تلك الجبال، وأنين الجرحى يطن في فضاء الساحة الحمراء، فيملأ الآذان بالهلع، والنفوس بالجزع، والدماء تتفجر هنا، وتتحدر هناك، والرؤوس منتثرة فوق الأديم المضرج، زائغة أبصارها، مفغورة أفواهها، معفرة بالتراب أنوفها التي عزت على العالمين. . .
ثم انظر إلى أخيل يرعد بين الصفوف ويقصف، ومن ورائه الميرميدون يوزعون المنايا ويهدهدون الحتوف ويقربون الآجال!
وأوليسيز المغوار وتلك العجاجة المنعقدة فوق رأسه من خبار الحرب، وهذه الصعدة السمراء بيمينه تنفث الموت في صدور الأعداء!
وأجاكس وجنوده! الكرار الفرار، المذاويد الأحرار!
وبنليوس! قائد العسكر البووطية، القروم البواسل، والليوث الكواسر!
وديوميد! نبعة أرومته، وسيد عشيرته، ووجه قومه، وفارس كتيبته!
وأجابينور! فتى أركاديا، وملاك أمرها، وشمس ضحاها!
وميجيز! النجد الباسل، والبطل الحلاحل!
وإيدومينيز! ملك كريد وقائد جنودها؛ أباة الذل، وكماة الوغى، ومرادي الحروب!
وتليبوليموس بن هرقل بطل المجازفات، المقدم أخو الغمرات! ثم انظر إلى الصيد الصناديد من أبناء طروادة، وجيرانهم الكماة الأباة الحماة!
هاك هكتور العظيم بن بريام الملك، عضد طروادة وسندها وليث عرينها؛ الثبت الصابر المصابر؛ رابط الجأش شديد البطش؛ قوي الشكيمة الفارس المقدام!
هاك هكتور الأسد، يرغى في أسود الشرى ويزبد، ويوقل في بطاح طروادة وينجد!
وهاك إينياس الهائل، يقود (الدردان) الأيطال إلى كرائم الفعال في ساحة القتال!
وهاك بنداروس! تلميذ أبوللو وربيبه، يقود فرسانه الفحول ورجاله البهاليل!
وهاهما ولدا ميروبس الكبير ملك أبيسوس، يصولان في الحومة ويجولان!
وهاك آسيوس بن ملك أبيدوس، يتقدم رعيل فرسانه، ويداعب أعداءه بمرانه!
وهاهم أشبال تراقية، يقودهم يوفيموس المقدام، ويقتحم بهم أيما اقتحام!
وهاهم نسور أميدون البواشق؛ أقبلوا من هناك. . . من جنات سيحون وجيحون ليخوضوا