العرب. ويؤيد هذا الافتراض لفظ القهوة وهي تسمية عربية قديمة للنبيذ. ويقال إن هذا الشراب المنعش اكتشفه في الجزء الأخير من القرن السابع للهجرة أو الثالث عشر من الميلاد متعبد عابد الشيخ عمر دفعه الاضطهاد إلى أحد جبال اليمن مع بعض أتباعه، وحمله الجوع إلى أن يشرب منقوع البن الذي ينبت هناك بالطبيعة. غير أن استعمال البن لم ينتشر في اليمن إلا بعد هذا الزمن بجيلين. وقد استوردت مصر البن بين سنتي ٩٠٠ و٩١٠ هجرية أي في أواخر القرن الخامس عشر أو ابتداء القرن السادس عشر من الميلاد، أو قبل إدخال التبغ إلى الشرق بجيل تقريباً. وكان يشربه حينئذ في جامع الأزهر فقراء اليمن ومكة والمدينة الذين وجدوا فيه منشطاً لهم على العبادة والتسبيح، وكانوا يعكفون على شربه بكثرة. وأدخل البن إلى الآستانة بعد ذلك بنصف قرن تقريباً. وقد أثارت القهوة منازعات حادة بين المتعبدين والمتعلمين في جزيرة العرب ومصر والأستانة. فكان كثير من العلماء يؤكد أن القهوة لها خصائص مسكرة فتحرم على المسلمين بينما كان آخرون يقررون أن للقهوة فضائل، إحداها مقاومة النوم فتكون عوناً قوياً للأتقياء على عبادتهم ليلاً. وكثيراً ما كان بيع البن حينئذ يحرم ويحلل حسب رأي الحاكم. أما الآن فيقول جميع المسلمين تقريباً بحل القهوة، ويفرطون في استعمالها، وحتى الوهابيون الذين هم أشد المسلمين صرامة في الحكم على التبغ والتمسك بأحكام القرآن والحديث. وكانت القهوة تجهز قبلا من حب البن وقشره معاً. ولا تزال تعدّ في جزيرة العرب منهما معاً أو من القشر فقط. وتحّضر في البلاد الشرقية الأخرى من الحب وحده يقلى ويطحن أولاً فأولاً.
في القاهرة أكثر من ألف (قهوة). والمقهى غرفة صغيرة ذات واجهة خشبية على شكل عقود. ويقوم على طول الواجهة، ما عدا المدخل، مصطبة من الحجر أو الآجر تفرش بالحصر ويبلغ ارتفاعها قدمين أو ثلاثاً وعرضها كذلك تقريباً. وفي داخل المقهى مقاعد متشابهة على جانبين أو ثلاثة. ويرتاد المقاهي أفراد الطبقة السفلى والتجار وتزدحم بهم عصراً ومساءً. وهم يفضلون الجلوس على المصطبة الخارجية ويحمل كل منهم شبكه الخاص وتبغه. ويقدم (القهوجي) القهوة بخمس فضة للفنجان الواحد أو عشر فضة (للبكرج) الصغير الذي يسع ثلاثة فناجين أو أربعة. ويحتفظ القهوجي أيضاً بعدد من آلات