لهذه الدولة الناشئة، عن تشرد الملايين من المسلمين الهنود نتيجة للصراع الطائفي الذي صاحب التقسيم، ونزاع كشمير وقضايا الحدود ومياه الري المشتركة بين الهند والباكستان وما إلى ذلك من القضايا الفرعية التي لها صلة مباشرة بوضعية الباكستان الإقليمية
وفي مثل هذا الجو وجد الكتاب والشعراء الباكستانيون أنفسهم منساقين إلى معالجة المشاكل الوثيقة الصلة بحياتهم اليومية، وأن يكتبوا وينظموا في أمور وأحداث هي من صلب الأحوال والأوضاع التي تكتنف دولتهم ومجتمعهم الجديد
ومن الاتجاهات المتولدة عن هذا المناخ العقلي الجديد ما ألم باللغة الأوردية في السنوات الأخيرة من تطور. فالمعروف أن نشوء اللغة الأوردية جاء نتيجة لأثر اللغتين الفارسية والعربية على اللهجات الأصلية في شبه القارة الهندية (وعلى الأخص في السند والبنجاب) عندما خضعت للحكم الإسلامي، فأصبحت الفارسية والعربية بمثابة لغة الاشتقاق للغة الأوردية التي تطورت بدورها فوطدت لنفسها استقلالاً لغة يا سليماً
ويبدو أن اللغة الأوردية في الباكستان أخذت اليوم تقوم بنفس الدور الذي قامت به اللغتان العربية والفارسية منذ قرون. فبعد أن توطد الاستقلال الثقافي للغة الأوردية، وبعد أن تثبت الكيان لدولة الباكستان أخذت الأوردية تؤثر تأثيراً مباشراً في اللهجات المحلية في القطاعات التي تؤلف الأمة الباكستانية
فلقطاع البنجاب مثلاً تقليد عريق في الأدب مدون باللغة البنجابية - تقليد أصوله في التراث والثقافة الإسلامية التي عاش عليها شعب البنجاب حقبة من الزمن. وتمتاز اللغة البنجابية بغزارتها في الإنتاج الأدبي إجمالاً، في الشعر الغربي والأدب الشعبي على وجه الخصوص. وللمناطق الشمالية الغربية من الباكستان لغتها المحلية الخاصة - لغة البوشنو - وللتراث الإسلامي في تلك المناطق دعائم متينة
ولقد وجدنا أن تيارات الثقافة الغربية كانت قبل تقسيم شبه القارة الهندية تجتاح الحياة العقلية هناك، وأن ذيول التقسيم قد فرضت على المثقفين الباكستانيين رغبة ملحة في صيانة حياتهم العقلية من عناصر التشويش في التقليد والانسياق الأعمى، وفي توجيه هذه الحياة نحو مشاكل الساعة والظروف والأوضاع الطارئة. ولذلك لم يكن لهؤلاء المثقفين بد من أن يمعنوا في صيانة الدعائم التي يعيش عليها مجتمعهم - لا في مجال السياسة