فحسب، بل في أصول الفكر وعناصر الثقافة العامة. فأخذوا يعملون في يقظة ونباهة على صيانة الثقافة الأوردية من التيارات الضارة التي كانت تتعرض لها - سواء جاءت هذه التيارات من الغرب البعيد أم من الهند القريبة. وهذه النزعة (القومية) في حاضر الثقافة الأوردية جاءت نتيجة لعوامل منطقية فرضتها طبيعة الأوضاع وفلسفة الحكم وأسس التطور الاجتماعي الذي يعمل أولو الأمر في الباكستان على تحقيقه بوحي من الإسلام وتراثه. ولذلك لم يجد حفظه الثقافة الأوردية في الباكستان صعوبة في تعميمها - على صورتها الجديدة - في المناطق والقطاعات التي في لغاتها المحلية قسط واف من التراث الإسلامي - كما هو الحال في لغتي البنجاب والبوشنو
ولكي يضمن الباكستانيون اطراد النمو في نهضتهم اللغوية الجديدة - بعد أن اختاروا العكوف عن التأثر بالاستعارة المشوهة من ثقافات الهندوس والأوربيين والأمريكان - اتجهوا إلى تعزيز الروابط اللغوية والثقافية مع الشعوب الإسلامية الأخرى، وما رغبتهم في إحلال اللغة العربية مكانة رفيعة في الباكستان إلا تحقيقاً لهذا النحو وتعزيزاً لهذه النهضة
وكان من نتائج هذا التنظيم الفكري أن أخذ الأدب الأوردي في الباكستان ينمو ويزدهر فلا يقتصر على إحياء الذخائر القديمة في قالب مجدد أو أن يعالج الحياة الجديدة في إطار الإبداع الفني، بل أخذ يستمد الإيحاء من التراث الأدبي والفني العريق الكامن في الثقافات المحلية التي تعيش عليها الجماعات ذوات التقاليد الاجتماعية الزاهية التي تؤلف قطاعات الباكستان الشرقية والشمالية والغربية. فقد ترجمت عشرات من مقطوعات النثر والنظم من هذه اللغات المحلية إلى اللغة الأوردية، وأخذت الأوردية تتغذى بالصور الفنية الرقيقة التي خلدها شعراء الغزل والأدب الشعبي في البنجاب، وقصائد البطولة والرجولة التي يتميز بها شعراء البوشنو - بطولة مستمدة من طبيعة الإقليم وأسلوب الحياة الذي يسود في مناطق الحدود في الشمال والشمال الغربي
وعلى الرغم من تحفظ المثقفين الباكستانيين في تأثرهم بالتيارات الفكرية الأجنبية الخاطئة، فإن إقبالهم على ترجمة روائع الآداب العالمية تشهد لهم بحسن الاختيار وسلامة الذوق
أما طابع الأدب الأوردي الجديد فهو اليوم يتميز باتجاه عام لمعالجة شؤون الناس والحياة في جلد وتعمق، وفي إطار العناصر الفنية المكتسبة من هذا التمازج الجديد بين تراث