للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فجاء فريداً وحيداً غنياً بكل ما في الفن من قدرة واقتدار. . .!!

يقول البعض أنه ضعيف (ضيق الحجم) لا يستطيع أن يظهر في المجتمعات المحتشدة، ونقول لهذا البعض إن الجمال لا يتوقف على القوة والشدة، والارتفاع. فالحمار كبير والبلبل صغير والفرق واضح بينهما. .!

يتكون صوته من ديوانين ونصف (١٨ مقاماً) تقريباً. ديوان (بريتون) وديوان (تينور) ثقيل ونصن ديوان (تينور) خفيف ويمتاز (باستعارته) التي لا يستطيع أن يحاكيها إلا كل صوت سليم قوي. . .

استعارة تزيد على الديوانين والنصف بنصف ديوان تقريباً. فهو كما نرى صوت سليم قوي وإن كان صغيراً في حجمه. . .

أنبل ما في هذا الرجل السامي تواضعه الجم وحياؤه الإيماني، تواضعه الجم مع أن عرشه من فلذات القلوب والأرواح ومع أن جمهوره يزري بجمهور أكبر مطربينا ومطرباتنا لا في مصر وحدها بل في بقاع العالم المترامي، لا من المسلمين فحسب بل من جميع الملل والأديان. . .

أعرف تاجراً كبيراً (مسيحياً) في الموسكى لا أمل له ولا سلوى إلا سماع رفعت. وأذكر في هذا الصدد أن ابنته - وهي متزوجة - كانت على شيء من التعصب فأتلفت (الراديو) عمداً حتى لا يتأثر والدها فيغير عقيدته - كما صور لها الوهم - فلما علم بالأمر طردها هي وزوجها وأولادها من بيته، ثم اشترى آلة جديدة ليرضي روحه من فن رفعت العالي، وقرآنه المرتل المفسر! والقس (م. ع) الذي أسلم في العام الماضي لم يسلم على يد واعظ أو عالم، وإنما أسلم على (صوت) رفعت وحسن ترتيله، وسحر تأثيره.

لو أتيح للقراء أن يذهبوا إلى - الشام - لعلموا أن رفعت هناك مقدس، إذا قرأ سكنت الأصوات وانقطعت الهمسات، وعم السكون، وامتلأ الجو كله تأثراً وخشوعاً ونوراً، فكل بيت وكل فرد يتمنى أن يجود بكل ما يملك حتى يسمعه دواماً.

هذا الرجل وهذه منزلته ومكانته يأبى أن يلقبه المذيع بكلمة (الأستاذ) لأن بعض المقرئين طالبوا أن يلقبوا هم أيضاً كما يلقب فرفضت المحطة فتنازل عن لقبه حتى لا يتألم إخوانه!

تقواه مضرب المثل، وكرمه يشمل الجميع. يعتقد أن توفيقه من الله وحده لا من صوته ولا

<<  <  ج:
ص:  >  >>