تنافس فيه ما تشاء. وإنا لنبرأ بالفرقة أن يستهويها مثل هذا. ولكن ماذا نصنع وهي تمنينا كذا وكذا ولا تصنع شيئاً. فإذا أصرت على أنها خرجت إلينا بأموالنا لتخدم الفن فهل راجعت ما هي عليه سائرة؟ هل نظرت في أمر لجنة القراءة التي تأذن في تأدية مسرحيات موضوعة قد نفض لونها وأختل أتساقها؟ هل جعلت لجنة من أهل الإطلاع والمعرفة تختار من المسرحيات الإفرنجية ما له شأن؟ هل عزمت على أن تطلب المدد ممن وقف حياته على فن المسرح؟ هل فطنت إلى إرضاء الخاصة؟ هل ذكرت أن في أوربة ما يقال له:(تأدية الشعر) وهي أن ينشد رجال الفرقة الحين بعد الحين قصائد ومقطوعات في كذا وكذا من الموضوعات؟
أن في رجال الفرقة وفيمن أقصوا عنها بغير حق من يقدر على معالجة الفن الخالص. فقد شهدت من سنوات (أهل الكهف). ثم شهدت أو من أمس (تحت سماء إسبانيا)، فرأيت إخراجاً حسناً وتمثيلاً صحيحاً؛ ولن أنسى مشهداً أجتمع فيه زوزو الحكيم وعلام ومنسي فهمي وعباس فارس فتجلى الصدق في الإحساس والتعبير، ومن وراء ذلك فتوح نشاطي. إلا أن المسرحية نفسها ليست بآية، وهي أقرب إلى رواية سينمائية منها إلى مسرحية، وذلك لما فيها من التأثير المباشر والحوادث النفاضة فكيف يكون السبيل إلى التلطف في الإخراج وبث الأوهام؟ ولم أر اسم المؤلف ولا عنوان المسرحية في لغتها على صفحات البرنامج الذي دفع إلي وأنا أدخل إلى دار الأوبرة، وهذا غريب. وعلى كل حال فإن في المسرحيات الإفرنجية ما هو خير وأعلى
وبعد فقد كتبت (الرسالة ٣٣٢) أن إدارة الفرقة (وغيرها) تسرف في بذل تذاكر الدخول لهذا ولذاك على حين أنها تضن بها على الكتاب المقدمين والنقاد البصراء، فسألت من سألت أن يتدارك الأمر. وبلغني بعد ذلك أن وزارة الشؤون الاجتماعية جعلت للإسراف حداً عنيفاً. على أن التشديد هنا كالترخص؛ أفلا نطلب الاعتدال؟ والوجه أن تعمل قائمة تدون فيها أسماء الذين يدعون في الليلة الأولى وفيهم النقاد والكتاب. أما الممثلون فلهم أن يظفروا بعدد من التذاكر على ألا يدعوا حلاقهم وطباخهم وبقال الناحية. . . إلا إذا كانوا من طلاب الفن. ومتى أقول الفن الخالص؟