يعمل بها، ولكن المنيَّة حالت بينه وبين ما كان يريد.
ذك أني كنت حدثته قبل موته بنحو عامين في أن يخدم السنة بتنقيح كتبها؛ فكان جوابه لي رحمه الله أنه لم يأسف على شيء فاته في الحياة أسفه لعدم قيامه بهذا الواجب، وتمنى لو أطال الله عمره لينهض به. وبعد شهور كتبت إليه أذكره بهذا العمل وأسأله عن الطريقة التي تنفع في هذا التنقيح إذا تهيأت أسبابه. فكتب إليّ رضي الله عنه جواباً كأنه كان يخاطب به كل من يريد أن يعالج هذا العمل، وإننا ننقلها إليهم ونرجو أن ينتفعوا بها في عملهم، قال:
(. . . إن على المسلين أن ينقحوا كتب السنة ويبينوا للناس صفوة السنة التي بين بها الرسول صلى الله عليه وسلم كتاب الله وأمر أصحابه بتبليغها للناس، ففعل خلفاؤه وسائر علمائهم ذلك وقاموا به خير قيام على حين لم يكن معهم كتاب مخطوط غير كتاب الله، ويبينوا لهم ما هو قطعي الدلالة والرواية لا عذر لأحد في جهله ولا في تركه، وما هو موكول إلى اجتهاد الأفراد، وما هو خاص باجتهاد الأئمة (الخلفاء والأمراء والقضاة). الخ)
هذه هي الطريقة الحكيمة التي أرشد إليها هذا الإمام الكبير وهي جديرة بأن تنال مكاناً محترماً بين جماعة كبار العلماء، فإن لم يأخذوا بها فلا أقل من أن يسترشدوا بما جاء فيها.
هذا ما رأينا أن نعلق به على قرار جماعة كبار العلماء، ونرجو لكي يخرج هذا العمل الجليل كاملاً أن تولاه أخصّاء من كبار المحدثين الفقهاء، أمثال المحدث الفقيه الشيخ أحمد شاكر.
وإن أمل المسلمين جميعاً لكبير في أن الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر سيمد جماعة كبار العلماء بروح منه حتى تنهض بقوة لأداء ما قررته من تفسير كتاب الله تفسيراً صحيحاً وتنقيح سنة الرسول صلوات الله عليه؛ لأن هذا العمل ولا ريب هو أجل عمل تقوم به هذه الجماعة في هذا العصر لتنفع المسلمين بين مشارق الأرض ومغاربها في دينهم ودنياهم.