وقالوا: ليس كل ما صح سنده يكون متنه صحيحاً، ولا كل ما لم يصح سنده يكون متنه غير صحيح.
وكذلك قالوا:(ولا يلزم في إجماع الأمة على العمل بما فيهما (البخاري ومسلم) إجماعهم على أنه مقطوع بأنه كلام النبي صلى الله عليه وسلم)؛ ومتى تم لنا ذلك واستقام كان تخليص التفسير في الإسرائيليات وغيرها سهلاً يسيراً؛ أما إذا وقف بنا الأمر عند تفسير كتاب الله تعالى، وتركنا كتب السنة تحمل ما تحمل، فإن عملنا يكون ناقصاً، ويظل المسلمون على ما هم فيه من الاختلاف بين الفرق والتعصب بين المذاهب، ذلك بأن الأحاديث - كما لا يخفي - هي مرجع كل الطوائف ومأخذ كل المذاهب.
هذا ما حدثت به الأستاذ الزيات، فكان من جوابه أن جماعة كبار العلماء قد تداركت هذا الأمر، وإنك ستجد ما قرروه في العدد القادم من (الرسالة). ولما طلع علينا هذا العدد ٤٤٦ وقرأت فيه قرار الجماعة، عجبت من أنهم لم يلتفتوا إلى أمر السنة إلا لرغبة أتتهم من غيرهم، كان هذا الأمر العظيم ليس له خطر عندهم. على أني رأيت أن أعلق بكلمة صغيرة على قرار الجماعة في أمر السنة ووضع كتاب فيها، وأرجو أن تنال هذه الكلمة منهم الرضا والقبول.
تقول الجماعة: إنها ستضع مؤلفاً يجمع الأحاديث التي (تصلح للاحتجاج والتي لا تصلح من بيان درجاتها)، وكلمة (تصلح للاحتجاج) مطلقة المعنى، فكما تصلح الحجة القوية للاحتجاج، فإن الحجة الضعيفة تصلح كذلك!
فإذا أخذنا بهذه لقاعدة، ظل باب الضعيف مفتوحاً للاحتجاج به، ورجعنا إلى قول بعض الأئمة، في أن الضعيف يقوي بتعدد طرقه، وكأننا لم نضع شيئاً. ونحن بما نرجو في تنخل السنة، إنما نريد إخراج كل ضعيف مهما تعددت طرقه، لأن الضعيف ضعيف ولو تعددت أسانيده، وإذا كانوا قد قالوا في الصحيح: إنه يعطى الظن فتُرى ماذا يعطى الضعيف؟!
على أن هذا الإطلاق يجعل المسلم في حيرة من أمره، إذ لا يعرف ما هي الأحاديث التي يحتج بها في أصول الدين، ولا ما هي التي يحتج بها في فروعه. فالواجب أن يكون وضع كتاب السنة على غير هذه الطريقة. وإني أعرف هنا طريقة في تنقيح كتب الأحاديث، وهي لإمام السنة في هذا العصر المرحوم السيد محمد رشيد رضا، وقد كان هو يريد أن