ولكن روحها ولت الأدبار وهي تطبع عليه هذه القبلة الإلهية كالعطر الرقيق المنبعث من البخور الذي تلتهمه النيران قبل أن يتأجج.
والآن هدأ كل شيء على فمها.
وأخلد النفَس إلى السكون في أحشائها الهامدة.
وعلى عينها اللتين خبا بريقهما أسبلت جفنيها حتى أضحتا مغمضتين نصف إغماض.
تملكني فزع لا أعرف كنهه حين كنت ماثلاً أمامها،
وكنت لا أجسر على الاقتراب من هذا التراث المعبود
كنت لا أجسر. . .! ولكن أنصت الكاهن إلى سكوني وأمسك بيديه المثلجتين الصليب وصاح بي:
(هو ذا التذكار. هو ذا الرجاء. خذه يا بني. . .!)
نعم ستبقى لي أيها الإرث المحزن.
منذ ذلك اليوم بدّلَت الشجرة التي زرعتُها على قبرك وريقاتها سبع مرات ولكنك لم تهجرني.
كنت قائماً إلى جانب هذا القلب وا أسفاه حيث كل شيء سائر إلى الزوال.
فحنيتها من النسيان على مر الزمن.
وطبعت عيناي وهما تذرفان القطرة تلو القطرة أثرهما على العاج الذي لان.
يا من باحت إليه الروح المدبرة بسرها الأخير
تعال. وتربع على قلبي وتكلم أيضاً وبثني حديثها لك عندما أصبح صوتها الضعيف لا يصل إلا إلى مسامعك.
وفي هذه الساعة المريبة حيث النفس خاشعة، وهي تتوارى تحت النقاب الذي يبدو كثيفاً لأعيننا، خارج نطاق حواسنا المثلجة، تنكمش رويداً رويداً غير منصتة إلى الوداع الخير.
وبينما هي على نهاية الحياة في انتظار الموت كالثمرة التي تنفصل من الفرع لثقلها
ترتعش روحنا المعلقة عند كل زفرة على ظلام القبر
وحين تكف أغاني وتنهدات النشيد المضطرب عن إيقاظ عقلنا النائم
إذ بك ملتصق على الشفاه في ساعة النزع كآخر صديق