الصحفية، لأنه كان يقدس عمله الصحفي، وكيف لا، وهو الذي كان يضحي في سبيل أداء الواجب الصحفي براحته ومكسبه وصحته! ولا جدال في أنه لم يستطع حاكم بسطوته وجبروته أن يرهبه أو يخفيه أو يحمله على العدول عما كان يعتقد محاربته لزاماً. ولم يستطع زعيم أو متزعم مهما بلغ من قوة نفوذه أن يثنيه عن المضي في عمله الصحفي ناقداً أو داعياً إلى الفكرة
وكان الأستاذ سليمان فوزي (أنموذجاً) ومثالاً وصورة ناطقة لجيل من رجالة الصحافة في مصر الذين احتواهم أعنف عهد من سني الحركة القومية والنهضة الفكرية. ولا مريه في أن فقيد الصحافة كان ن ابرز الشخصيات الذين قام على أكتافهم إعلاء شأن الصحافة في مصر، كما في طليعة أولئك الذين خلقوا للصحافة نفوذاً يخشى تجاهله ويعمل حسابه. . . ولكن سليمان انفرد بذلك الطابع الخاص في النقد السياسي اللاذع والتهكم المرير على سياسة وأنانية كثيرين من المتزعمين الذين اتخذوا الاشتغال بالسياسة حرفة ووسيلة لإشباع بطونهم الجائعة، وملء جيوبهم الخاوية. وبعبارة أخرى، كان سليمان في مقدمة أولئك الذين كشفوا للأمة - في شجاعة - خبايا نفوس بعض المتزعمين، وأبانوا للناس حقيقة وطنية المتجرين بالسياسة وعواطف الأمة
وكان من صفات الأستاذ سليمان فوزي المبادرة إلى معاونة كل صحفي إذا ألمت به ملمة حتى لو كان هذا الصحفي من خصومه في الرأي الذين قاومهم وقاوموه - على أني لم أر للراحل الكريم ضريباً في بذل الجهود لمعاونة إخوانه في أوقات شدتهم. وأني لأكتفي بذكر القليل من المروءة التي كانت تتجلى في الأستاذ سليمان فوزي نحو خصومه من رجال الصحافة والسياسة
لما قبض على الأستاذ الكبير محمد توفيق دياب في قضية سياسية (كيدية) وكان قد أستشهد بي ضد الكاتب الكبير بعض الذين كانوا يأكلون لقمتهم مغمسة بدماء الناس. وبالرغم من أن الأستاذ سليمان فوزي كان يخاصم الأستاذ الكبير توفيق دياب ويقاوم السياسة التي كان يروج لها، فإذا به (أي الفقيد الكريم) يسرع في مقابلتي - بمجرد أن علم بإلقاء القبض - ليذكرني بواجب الرجولة نحو رجل من حملة الأقلام - ولم أك ناسياً - وقد طالبني أن أقف في صف الأستاذ الكبير توفيق دياب وأن أكون له لا عليه في وقت شدته، على أن