للشعب فإن المؤرخ بالمعنى الحديث يستطيع أن يجد في هذه الموسوعة التاريخية مادة غزيرة يستخرج منها ما يريد دراسته من تاريخ حلب، فإن الكتاب - على طريقة صاحبه - هو سجل زمني حافل بالأحداث والتراجم، ويكفي أن صفحاته التي زادت على أربعة الآلاف نسخة قد اشتملت على ١١٣٦ ترجمة لرجالات حلب من الوزراء والأمراء والشعراء والعلماء والمحدثين والفقهاء والأطباء وأرباب التجارة وغيرهم. كما يكفي أن جمع هذه المواد الكثيرة للكتاب قد استغرق من المؤلف أثنين وعشرين عاماً حيث ابتدأ يضعه سنة ١٣٢٣هـ، وانتهى من تأليفه سنة ١٣٤٥هـ.
ولقد كان المؤلف يعالج نظم القريض، إلا أنه لم يكثر فيه، ولعل اشتغاله بالكتب والمخطوطات ونسخها لم يعنه على إتمام المعالجة، ونجد في أول الكتاب صورته الفوتوغرافية وتحتها هذان البيتان:
إليكم يا بني الشهبا كتابا ... حوى تاريخ أجداد عظام
وروحي في ثناياه تجلت ... وذا رسمي إذا غابت عظامي
ثم نجد في المقدمة بعض شعر نظنه له لأنه لم ينسبه لقائل. ومنه:
يا ناظراً فيما قصدت لجمعه ... أعذر فإن أخا الفضيلة يعذر
واعلم بأن المرء لو بلغ المدى ... في العمر لاقى الموت وهو مقصر
إلا أن الفقيد لاقى الموت غير مقصر في واجب، فقد ملأ عمره بالعمل المتصل، حتى استطاع أن يخرج للناس كتاباً منشوراً يقرءونه ويرجعون إليه، حين يودون أن يرجعوا إلى تاريخ السابقين، من أبناء العرب الميامين.
رحمه الله، وعوض العرب والمجمع العلمي العربي خير العوض، وجعل ما بين الأمة العربية الإسلامية وحاضرها موصولاً حتى يوفى العقد على تمامه، والسلك على نظامه.