والاستيلاء على جميع أراضيها، وتود لو أتيح لها أن تعقد اتفاقاً مع الصين على أن تحكم الأقاليم الساحلية وتترك لها داخلية البلاد. ولكن اتفاقاً كهذا ليس من شأنه أن يوطد دعائم السلام بين الأمتين. فهو في الحقيقة سيكون بمثابة هدنة مؤقتة، إذ أن المنطقة الحرة في الصين ستعبئ كل قواها لإشعال نار الحرب من أجل الانتقام. وسوف تظل المؤامرات السياسية والأعمال السرية الخطيرة تقلق بال اليابان
وكل ما ترجوه اليابان الآن أن تستطيع استغلال الأقاليم التي استولت عليها جيوشها من الناحيتين الصناعية والاقتصادية، فإذا استطاعت اليابان أن تصل إلى أغراضها، وأمكنها أن تمد جيشها الذي يحتل تلك البلاد بما يرجوه من ثمرة انتصاره عليها، لم يكن من الصعب عليها أن تنتهز الفرص للاستيلاء على مواطن أخرى، أما إذا أعياها ذلك الأمر فإن الناحية الاقتصادية ولاشك ستصبح كارثة على اليابان. وقد ظهر أن المقدرة على الاستقرار وتسوية الأمور هي الشيء الذي ينقص اليابان في جميع المحاولات التي قامت بها لبناء الإمبراطورية
مما لاشك أن اليابان قد كسبت الحرب من الناحية الحربية. فقد استولت جيوشها بصفة نهائية على الشواطئ الصينية وامتلكت كثيراً من المدن الصينية الكبرى
إلا أن السلطة اليابانية، ونفوذ حكومتها عليها يتعد المناطق التي تحميها بنادق الجيش. ومازالت اليابان تلاقي أشد الصعوبات في البلاد التي تتوغل فيها داخل بلاد الصين. فالصينيون يقطعون عليهم خطوط المواصلات كلما تقدموا خطوة إلى الأمام ويهدمون البلدان ويفسدون الأطعمة وكل ما ادخرته تلك البلاد من الخيرات
ويقول الصينيون إنهم يضحون بالسكان لأجل الزمان؛ ويحسبون الأيام ويعدون الزمن لإيقاع الهزيمة بهؤلاء المغيرين. فإذا فرضنا أن اليابان لم تهزم وقدرنا أن قوتها الحربية ستستمر على إخضاع تلك البلاد، فليست اليابان بالأمة المؤهلة للاستعمار بالمعنى المفهوم عند الأمم الأوربية فهو كما يظهر شيء بعيد عن أخلاق اليابانيين