وفي اليوم الثالث وصل إليها الرد وكان مرضياً وفيه تطلب مرسلته تحديد اليوم والساعة لترسل إليها العربة تنتظرها وأمتعتها عند أقرب محطة لتنقلها إلى الكوخ الذي يبعد عن المحطة ثلاثة أميال.
وتم كل ذلك. وفي ليلة هادئة الجو معطرة النسيم كانت ماري واقفة أمام الكوخ وصاحبته مارجريت ماك بين ترحب بها ترحاب الصديق بالصديق.
قالت مارجريت:(أخشى أن يكون هذا المكان موحشاً لشدة هدوئه وخلوه من الأنيس. ولكنه يوافق اشتراطك في خطابك، وليس عمل يمكن أن يعمل هنا إلا المشي على سطح الجبال المزدانة بأعواد الزهر).
فابتسمت ماري وقالت:(إنها تألف هذه المناظر وتحبها، فقد اعتادت الاصطياف في الريف، وإنها لا تنتظر أن تسبب لها هدأة الحياة شيئاً من السأم.
وكان من حسن حظها أن الجو اعتدل وراق في الأيام الأولى من زيارتها لهذا الصيف. وفي يوم من الأيام قالت (مارجريت ماك بين): إنه في المساء سيأتي مصطاف جديد وسيقيم في غرفة أخرى من ذلك الكوخ). وقالت:(فإذا راقك مجلسه بعد التعرف به قدمت لكما الطعام معاً وإلا فإني سأدبر لذلك وسيلة تريحك).
فلم تبد ماري أي اعتراض بل سرت من وجود زميل من أهل بلدتها في هذا المصيف. وفي أصيل ذلك اليوم خرجت لتتنزه على سفح الجبل في طريق المحطة وهي تعد نفسها بأن تكون نزهة الغد برفقة رجل هي إلى اليوم لم تصاحبه. وفيما هي تعلل النفس بوعد جميل زلت بها القدم عند محاولتها الصعود إلى مرتفع من سفح الجبل فهوت وجرحت ركبتاها واستحال عليها النهوض ورأت رجلاً يسلك الطريق بين المحطة وبين الكوخ.
ولما دنا عرفت فيه صاحبها أسود الشعر والعينين (جارفي بلير). ونظر إليها وكاد أن يمشي دون أن يتكلم لولا أنها استوقفته وأخبرته بالخبر، وطلبت إليه أن يبلغ صاحبة الكوخ رجاءها لترسل إليها عربة تقلها: فقال: إن الكوخ قريب فإذا شئت فلنذهب إليه مستندة إلى ذراعي، وفي بحمد الله من القوة فوق ما قد تظنين.
قبلت ماري على خجل ما طلبه إليها. وكان لابد لهما من التحدث في أثناء الطريق فاعترفت له بأنها عرفت المكان من حديثه مع صاحبه. وقال لها: إنه كان يريد أن يأتي في