كان والده رجلاً شريراً فظاً، وكانت أمه متقلبة شديدة، وتوفي عمه وهو في سن العاشرة، فانتقل إليه لقب اللوردية، وهكذا لم يكن في ثقافة بيرون ما يعلمه ضبط النفس أو إنكار الذات في سبيل الصالح العام، فثار حين ألقى إلى تيار الزمن على مضايقات المجتمع ومضايقات القانون التي صدمته في رغباته الخاصة
لقد وجد - لا نقول ثقف - في مدرسة (هارو) ومن ثم في (كمبردج)، ثم قام بسياحة استغرقت عامين، واليونان هي التي صيرته شاعراً؛ وحين عاد وطنه، وكان قد نشر وقائع رحلته في الفصلين الأولين من كتابة (تشايلد هارولد) وجد نفسه شاعراً محبوباً مشهوراً
وأصبح بيرون الشاعر الجميل محور الحياة الماجنة في لندن، منغمساً في المعابثة واضعاً نفسه بين يدي هواه من النساء، ثم يتزوج في سنة ١٨١٥ بالآنسة ملبانك ولكن تهجره زوجه بعد أن تضع له طفلة وقبل أن يمضي على زواجهما عام واحد، والى الآن لم يقف أحد على السبب الحقيقي لهذا الهجران، غير أن الناس انتصروا يومذاك لللادي بيرون، وفي سنة ١٨١٦ ترك زوجها انجلترا إلى غير رجعة، فعاش في سوتيز رلاند (سويسرا) وإيطاليا ١٨١٦ - ١٨٢٤ ينظم أحسن شعره ويتسلى بصداقة شلي، وينعم منذ ذ١٨١٩ بأكثر من صداقة الكونتيس كويسيولي
وهنا لا يغرب عن البال أن هذا الشاعر بينما كان يطلب لنفسه لذاتها ولهوها ويرى في الأنانية دستور الحياة، نجده قد تأثر إلى أقصى حد بالروح الوطني العام الذي انبعث في أيامه في بلاد اليونان، إنها الرغبة في مساعدة الغير على نيل الحرية هي التي رمت به سنة ١٨٢٣ في القضية اليونانية وجعلته يطالب لليونانيين بالاستقلال عن الأتراك
ذهب اللورد بيرون إلى اليونان وساعد على إيقاظ شعور القوم الوطني وفي توحيد كلمتهم حتى جعلهم كرجل واحد في معركة الحرية والاستقلال، وفي (ميسولونيا) أصابته الحمى فهدت جسمه الذي أضنته حياة الفوضى التي غرق فيها هذا اللورد الشاب إن في موته وحيداً في بلاد الغربة ما يحز في القلب، لقد كان أشبه ما يكون يقبس لطيف من نور الشمس الذهبي ألقي وسط العالم في يوم مظلم عاصف
لشعر بيرون تأثير في القلب، وعلوق بالنفس، لأنه استطاع أن يصور به حياته وهي كما رأيت شائقة غاوية، حياة شباب جميل موسر انغمس في اللذات وانكب على الملاهي حتى