تفسير يرتضيه العلماء وتتداوله الأيدي، ويحصل الناس منه على ما يبتغون من تفهم هداية القرآن واجتلاء محاسنه، والانتفاع بتعاليمه ومبادئه
وللإمام المراغي في ذلك ما يصلح بحق أن يكون نموذجاً يحتذي ومبدأ يتبع، ظهر به على الأمة في دروسه الدينية، فقد تناول الآيات التي شرحها من جميع نواحيها الجديرة بالنظر، فجلا معانيها وراض صعابها، وكشف عن محاسنها وهدايتها، وذلل مشكلاتها العلمية فأخرجها سائغة سهلة سليمة متقبلة، وعرضها عرضاً يشرح النفس ويصل إلى القلم. إلا أن للأستاذ الإمام المراغي من مهام منصبه الخطير ما يشغله عن موالاة ذلك
إن اليوم يقوم فيه العلماء بهذا العمل الجليل هو اليوم الذي يثبتون فيه للأمة عملياً جدارتهم برسالتهم التي يحملون، والذي يدفعون به عن أنفسهم تلك السهام المصوبة إليهم من أصدقائهم وخصومهم
فإن لا يكن هذا فلا أقل من أن يختار من تلك الكتب أكثرها نفعاً وأدناها إلى الصلاح فيتقدم له من يعلق عليه بما يميز طيبه من خبيثه، ويبين صالحه من فاسده، وينبه على ما فيه من أخطاء علمية أو خرافات باطلة، ويضمن ذلك التعليق القول في الناحية أو النواحي التي تتضمنها الآية وغفل عنها المفسر
وبذلك يبقى الأصل وينتفع الناس بما فيه من علم نافع ويتقون شر ما فيه من خرافات وأوهام تفسد دينهم، وتضعف يقينهم.
إن التبعة الملقاة على علماء الأزهر خطيرة، والمسؤولية التي عليهم أمام الله والناس عظيمة، وواجبهم نحو كتاب الله غير هين، وذلك أقل مجهود يبرئون به ذممهم، ويخدمون به دينهم وأمتهم
أما أن نكتفي بالقول بأنا أعلم الناس وكتبنا خير الكتب، ودراستنا أجود الدراسات، فهذا ما لا تلقى به التبعة، ولا تنتفع به الأمة. فالعمل العمل إن كنتم جادين