وعلماء الأزهر قادرون على تلافي هذه العيوب، يستطيعون الاضطلاع بمهمة إصلاحها وذودها عن كتاب الله، وتخليصه من براثنها، وهم مطالبون بذلك بحكم عملهم، وطبيعة دراستهم، ولن تغفر لهم الأمة أي نوع من أنواع التقصير مهما قيل في تبريره من الأعذار
فأين الأثر الذي سيتحدث التاريخ عنه إلى الأجيال المقبلة عن عمل رجال الأزهر في هذه الناحية؟ أين التفسير الذي يلائم عقول العصر ولا يتصادم مع حقائق العلم، ولا يفرض في الناس الذين يطلب إليهم أن يتقبلوه هذه السذاجة العقلية التي تفرضها فيهم تلك الكتب حين تقول في تفسير قوله تعالى:
(إلا إبليس كان من الجن) إن الملائكة قد اشتبكوا في حرب مع الشياطين كانت لهم مواقع، وقد انجلت معركة من هذه المعارك عن إبليس أسيراً وهو صغير، فأخذه الملائكة، ونشؤه نشأتهم وخرجوه في دائرتهم، فكانت النتيجة أن خاطبه الله خطابهم، وكلفه تكليفهم في كل الآيات الواردة في أمر الملائكة بالسجود لآدم
ولا نفرض في الناس هذه العقول التي تستسيغ الإمعان في التخيل والإسراف في مجاراة الأوهام حين تعرض عليهم قصة من ألذ ما يتخيل، ومن أبعد ما يتصور حصوله، وأشبه ما يكون بما يعرف بحكايات (أم الغول) تعرض هذا عن تفسير قوله تعالى: (ألم تر كيف فعل ربك بعاد. إرم ذات العماد. التي لم يخلق مثلها في البلاد. . .)
فتحدثك بأن شداد بن عاد سمع بالجنة وبنائها وما فيها فهب لبناء مدينة إرم في صحراء اليمن، وذلك بعد أن دانت له الملوك، وتم له ملك الدنيا. ولما كان يريد أن تضارع الجنة إرم أو تضاربها، بناها من ذهب وفضة وياقوت وو. . . ثم يخبرك بما كان بعد تمام بنائها الذي استمر ثلاثمائة سنة، وما كان من أمر عبد الله ابن قلابة معها، وما كان من حديث كعب مع معاوية في شأنها
ويطول بي الحديث إذا عرضت لك غير هذا من تلك الخرافات والخيالات التي ملئت بها كتب المفسرين المشهورة
فإذا كانت الأمة قد أحست حاجتها الماسة إلى وضع معجم لغوي بسيط أو وسيط فكلفت بذلك مجمع اللغة الملكي، فهو يحشد له قوته ويعد له عدته، وسيخرج به على الناس إما قريباً أو بعيداً، فالأمة أيضاً بحاجة إلى من يسد مثل هذه الثغرة في التفسير، فيكون لها