الكتب مشغولاً بتنحيتها عن طريقه وإزالتها عن سبيله إن كان من العلماء، ومهدوا بأن تغزوه هذه الخرافات الباطلة في قرارة نفسه وصميم عقيدته، إن كان من العامة، وذلك هو السر فيما نشاهده من صعوبة مهمة العلماء المفكرين في توضيح هداية القرآن على وجهها الصحيح، وإيصالها سليمة إلى نفوس الناس
ثانياً: تخصص كثير من هذه الكتب في نواح من التفسير هي في نفسها صالحة وقيمة وطيبة ومحتاج إليها. فهذا تفسير يهتم بالنحو والإعراب، وهذا تفسير يعنى ببيان وجوه البلاغة والإعجاز، وهذا تفسير جعل مهمته التوفيق بين آيات القرآن ومذاهب الفقهاء
وقلما تجد تفسيراً يفسر القرآن على نحو يشعرك بمقصده السامي، وغرضه النبيل من غرس العقائد الصحيحة السهلة التي لا تقيد فيها ولا غموض، وتبين الأحكام الناصعة الواضحة التي لا تشديد فيها ولا تعسف، وعرض التربية القرآنية الروحية والعقلية عرضاً عرضاً كريماً يتفق مع ما للقرآن من قيمة ذاتية وباعتباره كتاباً إلهياً خالداً صادراً عن الله الذي يعلم السر في السموات والأرض
ثالثاً: اندفاع كثير من المفسرين بدافع الرغبة في تأييد مذاهبهم وتوطيد عقائدهم وآرائهم إلى تخريج القرآن على آراء أصحاب المذاهب والمعتقدات، ولو كان في ذلك الإخلال بالنظم والخروج به عن الأساليب العربية المألوفة، والنزول به إلى أدنى درجات الكلام
فتراهم يقولون مذهب أهل السنة كذا، فيجب أن تؤول الآية لتطابق هذا المذهب، ومذهب الحقيقة كذا، فيجب أن تفهم الآية على نحو يبعدها من هذا المذهب، وهذه الآية تتفق الحقيقة مع مذهب الحنفية وتخالف مذهب المالكية، وهكذا، كأن القرآن إنما أنزله الله على حساب أهل المذاهب والمعتقدات الصحيحة والباطلة على حد سواء، وكأنه إنما جعل ليقاس على المذاهب لا لتقاس المذاهب عليه
٤ - هذا إلى ما تراه وتشعر به من غموض بعض التفاسير في العبارة، وتكلفها في تحميل الآيات ما لا تحمل من المعاني، وقصورها عن مجاراة العرض الحديث الذي أصبح له أهمية كبرى في نظر العلماء والباحثين، والقراء والمنتفعين
هذه عيوب نسمح لأنفسنا بأن نصفها بالخطر، ولا نظن أننا نبالغ إذا قلنا إنها نوع من الصد عن كتاب الله