في الأدب الفرنسي أو رواية عصرية وهو بين هذا وذاك يكتب فصولا بارعة في دراسة الكتب التي تهدي اليه، فيقرظها تقريظ المشجع أو المحبذ تقريظ الأديب الغيور الذي يدفع بالمؤلف إلى الاستزادة والإجادة. ولكني ما قرأت في فصول في النقد كان يخص بها الأصدقاء والمعارف من المؤلفين ولعلي انصف صديقي شيبوب إذا قلت أن فصوله في النقد الأدبي هي المتفوقة في قيمتها والمتقدمة في شانها على بقية فصول يكتبها (في الحياة الأدبية).
على هذا الأساس إذن اقف من صديقي الناقد البارع أساجله مساجلة الراغب في بلوغ الحق، القاصد وجه الحقيقة: قال الأستاذ شيبوب في العدد السابق من الرسالة:
(. . . . ولا يقف أدب الأستاذ حبيب الزحلاوي عند التأليف القصصي، فانه نقادة ادبي، ولعل النقد الأدبي كان أول ما عالجه من فنون الأدب، إذ تقدم كتابه (أدباء معاصرون) غير هـ من الكتب وقد ظهرميله إلى النقد في أقصوصة (الدميم) لأنه عرض فيها للحبكة، والعرض والفكرة، والوحدة؛ وذكر انه (ليست قيمة القصة في المادة التي تتألف منها، ولا في كيفية ترتيب تلك المادة، بل قيمتها في الكيفية التي تؤدي بها، وفي عرضها عرضا خاصا بمهارة فنية، بالتشويق والترغيب وفي صدق الرواية عن الحياة. . . .).
(وقد اضطر لبيان ذلك، إلى حشر أقصوصتين في أقصوصة واحدة، وهما لا رابط بينهما غير فكرة العرض بمهارة وبغير مهارة).
يعلم صديقي ولا شك أن مجال القصة واسع سعة الفضاء الذي يضم الكون، وأن القاص إذا قصر في تجواله بأجوائه، إنما يكون تقصيره نتيجة لضعف في خوافيه وقوادمه، وفقر إلى الخيال المنسرح والذهن المبتدع. وأن المجالات الضيقة التي رسمها نقاد القصة ليست في الضيق إلى الحد الذي يصد المبتكر عن شرح درس في بناء القصة وتعليم من لا يعلمون إنها تسع كل ضرب من ضروب العلوم والفنون، وكل رسم وصورة للحياة بكامل ظواهرها وبواطنها فكيف تضيق القصة إذن بالنقد الأدبي؟.)
أقول القاص المبتكر تمييزا له عن أولئك (الهلافيت) الذين يملئون الصحف (السوقية) بقصص فاجرة يضل القارئ في مبتداها ومنتهاها، ويتيه قاص الأثر البارع في تتبع معالم وأغراض كاتبيها، هذه إذا كانت لهم أغراض ومقاصد ثم أي حرج على القاص وقد جعل