وشئ آخر غير (الاختيار) وحب الاستطلاع والاختبار يؤثر في إدراك الإنسان وعقله تأثيراً رديئاً. . . شئ هو كل شئ. . . هو التاريخ المسطور في الصحف الموروثة وأدمغة العجائز والشيوخ الذين هم قناطر وجسور دائمة تعبر عليها وراثات من الجاهليات الأولى متحدرة في الدماء والأعصاب والألسنة هي آثار من المحاولات الأولى المغلوطة التي حاولها الإنسان لإدراك الله وإدراك اتجاهه في الطبيعية
إن خمائر التاريخ السيئة التي تعوقنا عن رؤية الحق الصريح إنها جعلتنا أناسً صناعيين لا طبيعيين. . . فلا يزال في التاريخ كثير من الأمراض والظلمات التي كنا فيها قبل أن نشب عن الطوق وندرك الرشد، إنه من اكبر أسلحة الشر لمقاومة تقدم الإنسانية. . . إنه يربينا بما كان يربي عليه الأولون من العواطف والأفكار المغلوطة، ومن العجيب أن الاحتفاظ بخرافات التاريخ وجد له شرعة عصرية تحلله بحجة الإبقاء على (التقاليد) حتى الدين العقلي الطبيعي وهو الإسلام لم يستطيع أن يمحو مصائب التاريخ ومواريثه السيئة من الأمم التي تدين به فدخل كثير من الناس فيه من غير أن يغتسلوا غسلاً تاماً من مواريث الوثنيات والأباطيل واكتفوا بتغيير عنوان حياتهم العقلية القلبية من غير أن يخلعوا ما وراء العناوين، ولو ذهبت أتقصى بقايا الوثنيات في ديار الإسلام وفي أفكار المسلمين لطال بي المقال، وحسبي أن أحيل كل قارئ على علمه بما يجرى، وإذا كان هذا ديار الإسلام فما بالك بما في ديار غيره. . . وقد انحدرت إلينا هذه المواريث سائرة مع أصول الدين جنباً لجنب ولم تنتبه إلى ازدواج شخصياتنا تبعاً لذلك، وإني أتخيل جيلاً من الأطفال ربي بأيدي حكماء تحرروا من كل باطل واسترشدوا بأسلوب الطبيعة وسلامة الفطرة ولم يأخذوا الأفكار العامة عن الحياة والدين من التاريخ والبيئة الملوثة. . أتخيل ذلك فتسطع أمامي في هذه الأرض أنوار من الجنة الموعودة في السماء. . .
ولم يستطع نبي أن يتلقى الوحي عن الله إلا بعد هذا التجرد من التاريخ. . . إن النبوة في مبتدأها تجرد من كل شئ موروث ثم! إيغال في الوصول إلى أصول الحياة، ثم رؤية يد الله وهي تضع هذه الأصول وتحفظها، ثم سماع الله بعد ذلك. . .
والطفولة هي موضع أمل الإصلاح. . . ولكن هل تترك الإنسانية المصلحين يبنون