(إن العابثين بالإسلام ومحال إفساد المسلمين وإزالة ملكهم من زنادقة اليهود والفرس وغيرهم من أهل الابتداع وأهل العصبيات العلوية والأموية والعباسية قد وضعوا الأحاديث الموضوعة إلا باعتراف من تاب إلى الله من واضعها. ولقد كان الأستاذ الإمام محمد عبده يقول: (إن الإسلام الصحيح هو ما كان عليه أهل الصدر الأول قبل ظهور الفتن).
وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: إن أصل الكذب في أحاديث الفضائل كلها من وجهة الشيعة، فإنهم وضعوا في مبدأ الأمر أحاديث مختلفة في صاحبهم (علي) حملهم على وضعها عداوة خصومهم. . فلما رأت البكرية ما صنعت الشيعة وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث.
ولوضع الحديث والكذب على رسول الله (ص) أسباب كثيرة ذكرها المحدثون، جمعها السيد رضا ونشرها في مجلة المنار وها هي ذي:(أحدها) وهو أهمها ما وصفة الزنادقة اللابسون لباس الإسلام غشاً ونفاقاً وقصدهم بذلك إفساد الدين وإيقاع الخلاف والافتراق في المسلمين. قال حماد بن زيد، وضعت الزنادقة أربعة آلاف حديث - وهذا يحسب ما وصل إليه علمه واختباره في كشف كذبهأن وإلا فقد نقلوا أن زنديقاً واحداً وضع هذا المقدار. قالوا: لما أخذ ابن أبي العوجاء ليضرب عنقه قال: وضعت فيكم أربعة آلف حديث أحرم فيها الحلال وأحلل الحرام (ثانيها) الوضع لنصرة المذاهب جعل كل فريق يستفرغ ما في وسعه لإثبات مذهبة، ولم يكن المقصود من ذلك إلا إقحام مناظره والظهور عليه حتى أنهم جعلوا (الخلاف) علماً صنفوا فيه المصنفات، مع أن دينهم ما عادى شيئاً كما عادى الخلاف. . تاب رجل من المبتدعة فجعل يقول: انظروا عمن تأخذون هذا الحديث، فإنا كنا إذا هوينا أمراً صيرناه حديثاً. وليس الوضع لنصرة المذاهب محصوراً في المبتدعة وأهل المذاهب في الأصول، بل إن من أهل السنة المختلفين في الفروع من وضع أحاديث كثيرة لنصرة مذاهبه أو تعظيم إمامه سوف نذكر ونبين الكثير منها في موضعه إن شاء الله. وإليك الآن حديثاً واحداً وهو (يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس ويكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي! وقد رواه الخطيب عن أبي هريرة مرفوعاً. قالوا: وهذا الإفك لا يحتاج إلى بيان بطلانه، ومع هذا تجد الفقهاء المعتبرين يذكرون في كتبهم الفقهية شق الحديث الذي يصف أبا حنيفة بأنه